ازدادت وتيرة استهداف قياديي “حزب الله” في سوريا، في منحى متصاعد اتخذته إسرائيل منذ مشاركة “الحزب” في جبهته الإسنادية ضد تل أبيب منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
مع الوقت خسر “حزب الله” أبرز قياديه بما فيهم الأمين العام حسن نصر الله، ودفع بذلك فاتورة هجماته الصاروخية على شمالي إسرائيل.
يوم الاثنين الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه قتل في سوريا قيادياً كبيراً في “حزب الله” مسؤولاً عن قسم كبير من عمليات تمويل الجماعة الموالية لإيران.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري إنّ القتيل، الذي لم يسمّه، هو قائد الوحدة 4400 “المسؤولة عن التحويلات المالية لحزب الله” والتي يتمّ الحصول عليها بشكل خاص من بيع النفط الإيراني.
والوحدة 4400 كان يقودها قبله محمد جعفر قصير الذي كان يطلق عليه “الشيخ صلاح” والذي “تولى على مدار سنوات إدارة مصدر الدخل الرئيسي للتنظيم”، وقد قتلته إسرائيل في ضاحية بيروت الجنوبية من هذا الشهر.
دخول المستنقع
دخل “حزب الله” الحليف الأبرز للحكومة السورية، بعد اندلاع الحرب في البلاد في عام 2011. وكان له دور رئيسي في دعم الرئيس السوري بشار الأسد ضد فصائل المعارضة، شارك في العديد من المعارك العسكرية على الأراضي السورية.
ونشر “الحزب” مقاتليه في مناطق سورية عدة، لا سيما ريف دمشق وحمص وحماة. ومنذ انخراطه في الحرب السورية، فقد الحزب العديد من قادته البارزين في ضربات إسرائيلية استهدفت مواقعهم.
دفع “حزب الله” ثمناً باهظاً بسبب دخوله إلى سوريا، وأفادت تقارير صحفية أن إسرائيل استفادت إلى حد بعيد من دخول عناصر “الحزب” إلى سوريا، لتوجيه أولى الضربات التي آلمته، عندما فجّرت أجهزة الاتصال اللاسلكية (البيجر) أواخر أيلول/سبتمبر الماضي. وسهّلت ملاحقة قياديه.
وضربت إسرائيل بالتوازي قياديي “حزب الله” في لبنان وسوريا، وقضت خلال أقل من شهرين على كامل منظومة قيادة ذراع إيران اللبناني، وأفقدته بذلك جزءاً كبيراً من قوته، خاصة أنها ترافقت مع ضرب مصالحه في لبنان، وخطوط إمداده في سوريا.
ملاحقة الجنرالات
استهدف الجيش الإسرائيلي الذي قلّ ما يعلن مسؤوليته عن الغارات التي ينفذها في سوريا خلال الأسابيع الماضية قادة في حزب الله والحرس الثوري الإيراني في حي المزة، وفي وسط سوريا والمدن الساحلية.
وفي الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، قُتل 7 أشخاص وأُصيب 11 آخرون بقصف إسرائيلي استهدف بناية سكنية قرب السفارة الإيرانية في المزة، نفت حينها إيران أن يكون أحدهم إيرانياً. كما قُتل 4 أشخاص مطلع الشهر الجاري في غارة إسرائيلية استهدفت حي المزة أيضاً، استهدفت قيادياً في “حزب الله”.
وكانت “الطلقة الأولى” لحملة إسرائيل الجديدة ضد “حزب الله” اللبناني، بحسب وصف صحيفة “نيويورك تايمز” هي العملية الخاصة التي نفذتها تل أبيب في منطقة مصياف وسط سوريا، واستهدفت حينها، مركز البحوث العلمية السري.
وسبق ذلك بأشهر، إعلان “حزب الله” مقتل سبعة من عناصره، بينهم علي نعيم الذي وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه نائب قائد وحدة الصواريخ والقذائف بالحزب.
وطيلة السنوات الماضية، سعت إسرائيل لتدمير المنشأة التي تبعد عن لبنان 30كم، وتمتد إلى 200 متر تحت الأرض، وتظن إسرائيل أن “حزب الله” كان يستخدمها لصناعة وتطوير الأسلحة.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قد قال في آذار/مارس الماضي “انتقلنا من ضرب “حزب الله” إلى ملاحقته، سنصل إلى كل مكان يوجد فيه في بيروت وبعلبك وصور وصيدا والنبطية وإلى كل امتداد الجبهة، وأيضاً لأماكن بعيدة أكثر مثل دمشق وغيرها. سنعمل في كل مكان يتطلب منا ذلك”.
دمشق.. غرفة عمليات
تعتقد إسرائيل أنّ الإيرانيين و”حزب الله” يعملون على إنشاء بنى تحتية مسلحة في سوريا لتنفيذ هجمات ضدها، الأمر الذي دفعها لملاحقة قياديي “الحزب” في دمشق وباقي المدن السورية.
ووفقاً لتقرير نشره موقع “واللا” الإسرائيلي، فإن “الإيرانيين وحزب الله يجمعون بين نشاطهم العسكري من مواقع الجيش السوري بشكل رئيسي لأغراض جمع المعلومات الاستخبارية، وفي الوقت نفسه، يعملون على تعبئة أهالي القرى والبلدات في المنطقة للقيام بمهام متنوعة، وغالباً ما يعمل الناشطون الفلسطينيون من لبنان المتمركزين في سوريا للقيام بأنشطة معادية”.
وتوغلت إسرائيل في الأراضي السورية بعمق 500 متر وعرض 1كم، في إطار تخوفها من تفجّر صراع من عدة جبهات، وانتقال عناصر “حزب الله” إلى سوريا، لإنشاء ما يشبه “غرفة عمليات” ضدها، وباتت تصعد من استهداف عناصر وقياديي “الحزب”.
وقتلت في التاسع من الشهر الجاري أدهم جحوت، الذي قالت إنه قيادي في “حزب الله” وأحد أعضاء وحدة “ملف الجولان”، وينقل المعلومات الاستخباراتية من مصادر في القوات الحكومية السورية إلى “الحزب” لتسهيل العمليات ضد إسرائيل في الجولان المحتل.
ومنذ بداية الشهر الجاري، قتلت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت دمشق أكثر من 10 عناصر تابعين لحزب الله اللبناني، بينهم صهر حسن نصر الله، بعد فترة وجيزة من استهداف شقيقه في ضاحية بيروت الجنوبية.
وتكشف الاغتيالات التي تطال قياديي “حزب الله” عن وجود خرق أمني في الحكومة السورية التي تنأى بنفسها عما يجري مع حليفها القديم.
والأحد الماضي، اعتقلت دورية تابعة للأجهزة الأمنية الحكومية، ضابطاً برتبة رائد من مقر عمله في حي القصور بمدينة حمص وسط سوريا. وأوضح مصدر عسكري لموقع “963+”، إن “الرائد علاء الحسن العامل في كتيبة الرادار التابعة للدفاع الجوي تم اعتقاله من قبل دورية للمخابرات الجوية، أثناء تواجده في مقر عمله”.
ووجهت اتهامات للضابط في القوات الحكومية السورية بالتخابر مع “جهات معادية وتسريب معلومات”، حيث تأتي هذه العملية ضمن سلسلة من الاعتقالات التي تستهدف خلال الفترة الماضية العناصر والضباط المتهمين ”بالعمالة”، وفقاً للمصدر.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، اعتقل “الحرس الثوري” الإيراني العنصر العامل ضمن صفوفه جهاد بدر الدين وذلك من كتيبة الحراسة بمحيط مزار عين علي في بادية الميادين بريف دير الزور، بتهمة تصوير مواقع عسكرية.
وكان “حزب الله” قد أعلن مساء أمس الثلاثاء، انتشال جثمان رئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين و 23 آخرين، قتلوا جراء غارة إسرائيلية أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، بالتزامن مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن تأكيد مقتل صفي الدين بالغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت في 3 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.