بيروت
حلّ هذا المساء في بيروت على وقع غارات عنيفة على حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت، بعد سلسلة جديدة من التهديدات، أطلقها الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، والمتحدث العربي بلسان الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، باستئناف قصف مواقع ومقرات “حزب الله” في كل المناطق اللبنانية، ابتداءً من العاصمة بيروت. وقال هاغاري: “سنكثف غاراتنا على الضاحية الجنوبية وباقي المناطق إبتداء من الليلة، وفي الأيام المقبلة، ونطلب من كل السكان المتواجدين قرب مواقع لـ’حزب الله‘ المغادرة فوراً”.
وأضاف: “سوف نستهدف مواقع مؤسسة القرض الحسن، الممول الأساسي لـ’حزب الله‘ في لبنان خلال الساعات المقبلة، كما وضعنا خططاً هجومية تستهدف كل مكان في الشرق الأوسط يمثل تهديداً لنا”.
أما أدرعي فقال في تغريدة على حسابه بمنصة “أكس” إن جيشه سيهاجم بنى تحتية تابعة لجمعية القرض الحسن التابعة لحزب الله، فابتعدوا عنها فورًا”، مضيفاً: “يتم تمويل قسم كبير من أنشطة منظمة ’حزب الله‘ الإرهابية من ميزانية الدولة الإيرانية، حيث يستخدم ’حزب الله‘ هذه الأموال بغية تمويل أنشطته الإرهابية وبضمن ذلك التسلح، وشراء المنشآت لغرض تخزين الوسائل القتالية، وإنشاء مواقع الإطلاق، وتمويل أجور عناصر التنظيم وكذلك لتنفيذ نشاطات إرهابية مختلفة”، كما يقول.
إلى ذلك، قال موقع “واللا” العبري إن الهجوم الليلة على الضاحية الجنوبية لبيروت “سيشمل عدداً كبيراً من المباني”.
و”مؤسسة القرض الحسن” مؤسسة تابعة لـ”حزب الله”، لها 31 فرعاً في الأراضي اللبنانية، وتقوم مقام المصرف المركزي للحزب، ويتولى إقراض مناصريه بقروض ميسرة مقابل ضمان يكون في العادة ذهباً، يبقى مرهوناً في خزائن المؤسسة حتى الإيفاء بكامل القرض. وتسعى المؤسسة إلى تمويل نفسها من عمولات يدفعها المقترضون، وفيمتها 3 دولارات عن كل دفعة شهرية لسداد القرض، إضافة إلى تبرّعات ماليّة منقولة وغير منقولة ورسوم عضويّة، وأموال تأتي من إيران.
يوم عصيب
وكان اليوم الأحد قد مرّ عاصفاً على الجنوب اللبناني، وتحديداً على بلدة الخيام، التي استهدفتها إسرائيل بنحو 15 غارة من أعنف ما شهدته البلدة منذ عام من الحرب.
ونقلت التقارير أن ضباباً أحمر لفّ مساحات واسعة من البلدة إثر القصف العنيف الذي تعرضت له بأسلحة جديدة، تبحث السلطات اللبنانية في تحليلها ورفع شكوى جديدة إلى مجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة، لاتهام إسرائيل باستخدام ذخائر محرمة دولياً في قصف قرى الجنوب اللبناني وبلداته.
وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية، شنّت الطائرات الإسرائيلية غارات عنيفة على مدينة النبطية، لتكون هذه ثالت مرة تُقصف فيها المدينة منذ نهاية الأسبوع الماضي. استهدفت الغارات مبنى مأهولاً فذهب ضحيتها 7 قتلى ونحو 24 جريحاً. كما أوردت الوكالة أسماء أكثر من 50 بلدة وقرية في جنوب لبنان طالتها غارات إسرائيلية أخرى، بينها بنت جبيل وكفرشوبا وعيتا الشعب.
وتزامن هذا القصف العنيف اليوم مع محاولات إسرائيلية للتوغل براً في أكثر من محور، أبرزها محاولة الجيش الإسرائيلي فتح ثغرة في بلدة مركبا. وفي بلدة ميس الجبل الحدودية، أقدمت قوة إسرائيلية على تفجير حي الطراش بعد تفخيخه بمواد شديدة الانفجار، وجرفت مقبرة بلدة بليدا المجاورة لميس الجبل.
غارات على الضاحية
إلى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي عن الإغارة على مركز للقيادة ومنشأة للأسلحة تحت الأرض تابعين لـ “حزب الله” في بيروت، بعدما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام عن غارتين على الضاحية الجنوبية لبيروت. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: “أغارت طائرات سلاح الجو، وبتوجيه استخباري من هيئة الاستخبارات، على مقر قيادة لركن الاستخبارات في ’حزب الله‘ إلى جانب ورشة إنتاج أسلحة تحت الأرض في بيروت”.
وأضاف البيان أن الجيش قضى على 3 عناصر بارزين في “حزب الله” في غارات مختلفة، مشيراً إلى أن أحدهم تولى “مناصب عديدة في جبهة الجنوب، بينما كان الثاني خبيراً في مجال الاتصالات الاسلكية، والثالث كان يشغل منصب مسؤول طاقم إنتاج، وكان يهتم بعمليات تسلح الحزب بوسائل قتالية استراتيجية”.
من جهته، أعلن “حزب الله” عن قصف شمال إسرائيل، وصولاً إلى ميدنة حيفا بأكثر من 100 صاروخ اليوم. وقال الإعلام الإسرائيلي إن صفارات الإنذار دوّت في الكثير من المناطق، وخصوصاً في البلدات المجاورة للحدود مع لبنان، والتي تعرضت لوابل من الصواريخ، إضافة إلى قصف حيفا بصواريخ أرض – أرض بالستية والمسيّرات، من دون الإعلان عن عدد الضحايا.
نعيم قاسم… إلى طهران
تداولت وسائل إعلام إسرائيلية أنباءً غير مؤكدة من جانب مستقل عن مغادرة نعيم قاسم، نائب الأمين العام لـ”حزب الله”، إلى طهران. وقالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن قاسم غادر لبنان على متن طائرة إيرانية قبل أكثر من أسبوعين.
وبحسب الصحيفة، غادر قاسم بيروت في 5 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، على متن الطائرة نفسها التي أقلّت وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في زيارته الرسمية إلى لبنان وسوريا، “تلبية لأوامر أصدرها كبار قادة إيران خوفاً من اغتياله على يد إسرائيل” كما قالت الصحيفة الإسرائيلية، إذ سبق أن هددت تل أبيب باغتيال قاسم.
ويأتي هذا الخبر في ظل استمرار إسرائيل في سياسة الاغتيالات التي تستهدف بها قيادات الصفين الأول والثاني في الهرم القيادي في “حزب الله”. وآخر استهداف تم ليل السبت – الأحد، إذ اغتالت إسرائيل القيادي في “حزب الله” باسل شكر من بلدة جبشيت بمحافظة النبطية.
وقد شغل شكر عضوية هيئة أركان “قوة الرضوان”، وهي كتيبة النخبة في “حزب الله”، بعدما تتلمذ على القيادي عماد مغنية الذي اغتالته إسرائيل بتفجير سيارته في كفرسوسة بضاحية العاصمة السورية دمشق في 12 شباط/ فبراير 2008. كما كان في طليعة مبعوثي “قوة الرضوان” إلى العراق لمحاربة القوات الأميركية، كما تواجد في اليمن منذ عام 2015، وقام بتدريب الحوثيين وقاتل معهم حتى عام 2022.