بيروت
يستمر القصف الإسرائيلي من دون توقف، مستهدفاً عدداً كبيراً من المدن والقرى والبلدات في جوب لبنان والبقاع، إضافة إلى تنفيذ سلاح الجو الإسرائيلي غارات عنيفة على مدينة بعلبك شرق لبنان، وعلى العديد من المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا، مستخدمة قنابل عنقودية محرمة دولياً، وفقاً لما نسبت وكالة الصحافة الفرنسية “فرانس برس” إلى مسؤولين لبنانيين، فيما استمر “حزب الله” في إطلاق الصواريخ الباليستية على صفد وحيفا ومحيط تل أبيب.
وعلى وقع محاولات التقدم التي تبذلها وحدات صغيرة من الجيش الإسرائيلي في نقاط مختلفة على طول الجبهة مع لبنان،وبعدما زادت إسرائيل عدد فرقها المشاركة في هذه العمليات إلى 4 فرق، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن فرقة عسكرية خامسة، هي الفرقة 201، تحركت نحو شمال إسرائيل لتنفذ عمليات محدودة في مزارع شبعا بالقطاع الشرقي، على جانبي الخط الأزرق.
ومنذ بدء التوغل البري الإسرائيلي في الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، دخلت 4 فرق إلى الجبهة، وهي: 98 و36 و91، و146. لم يعلن الجيش الإسرائيلي عدد الجنود المشاركين في الجبهة مع لبنان، لكن ثمة تقديرات تشير إلى أن هذا العدد لا يقل عن 40 ألفاً، من منطلق أن الفرقة الواحدة في العلم العسكري تضم 10 آلاف جندي على الأقل، إلى جانب سلاحي الجو والبحرية.
رأتها وابلغت عنها
لكن هذا العدد يبقى عاجزاً عن تحقيق أي تقدم حقيقي ومستقر في أي نقطة من النقاط التي تحاول إسرائيل اختراقها. وبحسب موقع “والاه” العبري، هذا العجز ينسحب أيضاً على القوة الدفاعية في الجبهة الداخلية، خصوصاً بعد الضربة القاسية التي تلقاها الجيش الإسرائيلي بوصول المسيّرة التي أطلقها حزب الله الأحد، وانفجرت في قاعة الطعام المليئة بالجنود داخل قاعدة عسكرية بمنطقة بنيامينا، ما أدى إلى سقوط 7 قتلى ونحو 45 جريحاً.
في هذا الإطار، نسبت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى مواطنة تدعى فيكي كادوش قولها إنها رصدت تلك المسيّرة واتصلت بالسلطات محذّرة قبل 10 دقائق من انفجارها بالقاعدة، “لكن ذهب تحذيري أدراج الرياح”.
وأضافت أنها وعائلتها رصدت المسيرة تحلق على ارتفاع منخفض فوق منزلها مباشرة، وقالت: “سمعنا الصوت الذي كانت تصدره ولاحظنا على الفور أن هناك شيئًا غريبًا”.
ونقلت “تلغراف” البريطانية عن جيمس باتون روجرز، الخبير في المسيرات والمدير التنفيذي لمعهد كورنيل بروكس للسياسة التقنية، قوله: “تعكس هذه الحادثة إهمالًا واسع النطاق للدفاع الجوي لأكثر من جيل”، مضيفاً: “يسيّر حزب الله المسيرات ببطء، ويقلل من الأجهزة الإلكترونية فيها لتجنب رصد الرادار، ويستخدمون ألياف الكربون التي يصعب اكتشافها”.
حراك لبناني
في خط موازٍ، يستمر الحراك اللبناني مسابقاً الحرب الجارية، ومطالباً بوقف لإطلاق النار من أجل البحث الجدي في تنفيذ القرار الأممي 1701، الذي ينص على انسحاب متبادل، بين إسرائيل و”حزب الله” نحو 5 كيلومترات عن الخط الأزرق، من خلال زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي إلى المملكة الأردنية، ولقائه الملك عبد الله الثاني، في سعي لتحييد بيروت والمطار والمرفأ من القصف الإسرائيلي.
إلى ذلك، شغل الوضع المتفجر في غزة ولبنان حيزاً من المحادثات التي عقدها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة. وقد شدد الزعيمان على أن إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، “هي السبيل الوحيد لتحقيق التهدئة والسلام والأمن بالمنطقة على نحو مستدام”، منوهين بأن محاولات تصفية القضية الفلسطينية من شأنها أن تتسبب في استمرار حالة الصراع بالمنطقة.
وطالب الزعيمان ببدء خطوات للتهدئة تشمل وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وفي لبنان، ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، والتوقف عن سياسات حافة الهاوية بما يوقف دائرة الصراع الآخذة في الاتساع، كما تم تأكيد ضرورة احترام سيادة وأمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه.
وتتجه الأنظار اللبنانية والعربية إلى اللقاء المرتقب في باريس بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمير محمد بن سلمان، خصوصاً أن الوضع المتفجر في لبنان بند أول في أجندة اللقاء، الذي قد يكون فاصلاً، إذ يأتي بعد زيارة قام بها وزير الخارجية الإيراني إلى الرياض.
بوجه دمشق
في مقلب آخر، ربما يكون أكثر خطورة، نقلت صحيفة “النهار” اللبنانية عن مصادر أمنية قولها إن قوات إسرائيلية أزالت ألغاماً أرضية وأقامت حواجز جديدة على الحدود بين هضبة الجولان المحتلة وشريطاً منزوع السلاح على الحدود مع سوريا، في إشارة إلى أن إسرائيل ربما توسع عملياتها البرية ضد “حزب الله” بينما تعزز دفاعاتها.
وهذه الخطوة تشير إلى أن إسرائيل ربما تسعى للمرة الأولى إلى إصابة أهداف لحزب الله من مسافة أبعد نحو الشرق على الحدود اللبنانية، بينما تنشئ منطقة آمنة تمكنها من القيام بحرية بعمليات مراقبة عسكرية لتحركات الجماعة المسلحة ومنع التسلل.
وكشفت “رويترز” عن تفاصيل إضافية أظهرت أن إسرائيل تحرك السياج الفاصل بين المنطقة المنزوعة السلاح نحو الجانب السوري، وتنفذ أعمال حفر لإقامة المزيد من التحصينات في المنطقة. ومن بين هذه المصادر جندي سوري متمركز في جنوب سوريا، ومسؤول أمني لبناني، ومسؤول في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وذكرت مصادر سورية معارضة أن الجيش الإسرائيلي وجه إنذاراً إلى أهالي قرية العشة في ريف القنيطرة الجنوبي بضرورة إخلاء منازلهم. وتحدثت مصادر أخرى عن مواصلة القوات الإسرائيلية التوغل في الجنوب السوري وصولاً إلى قرية عين نورية داخل محافظة القنيطرة في الجزء الشمالي الغربي.