خاص – أحمد كنعان / دمشق
تعاني الصيدليات في دمشق وضواحيها انخفاضاً في مبيعاتها بسبب قرارات اتُخذت في أواخر العام الماضي، وتمثلت برفع أسعار الأدوية 70%، وجعل المسافة بين صيدلية وأخرى 50 متراً بعدما كانت 75 متراً، ما جعل عدد الصيدليات في الحي الواحد ضعفاً ونصف الضعف عما كان عليه من قبل.
في جولة سريعة في بعض أحياء العاصمة السورية دمشق وضواحيها، يظهر أن عدد الصيدليات كان كبيراً فعلاً، وفي بعض الأحيان لا تصل المسافة بين صيدلية وأخرى الى 10 امتار . ونتيجة ذلك، انخفضت مبيعات الصيدليات إلى النصف، في ظل تدهور قوة المواطن الشرائية، وصار يشتري جزءاً من علبة الدواء، وحتى يستغني عن الدواء غير الضروري.
محاولة استيعاب
يجمع الصيادلة على أن تراجع دخل المواطن هو السبب الأساسي وراء انخفاض مبيعاتهم، لكن الصيدلاني سامر السليمان بقول لـ”963+”: “تقصير المسافة بين الصيدليات أدى إلى انخفاض مبيعاتنا، فثلاث صيدليات تتقاسم ما كانت تبيعه صيدليتان. لكن هذا الاجراء محاولة لاستيعاب العدد الكبير من الصيادلة الخريجين، بعدما تهافتت الجامعات الخاصة في سوريا على تخريج أكبر عدد ممكن من الطلبة، فالطالب بالنسبة إلى الجامعة الخاصة هو دجاجة تبيض ذهباً 5 سنوات”.
ويضيف: “ارتفاع أسعار الأدوية منطقي حتى تستطيع معامل الأدوية الاستمرار ضمن حدود الحد الأدنى من الأرباح، لكن هذا الارتفاع غير متناسب مع القوة الشرائية للمواطن”.
لحل مشكلة تزايد عدد الخريجين، يقترح السليمان تقييد تدريس الصيدلة في الجامعات الخاصة وتحديد عدد الخريجين بحسب سوق العمل. ويقول: “كل جامعة خاصة توظف 3 أو 4 أساتذة وترخص عليهم من 100 إلى 150 طالباً يتخرجون بعد 5 سنوات ويدخلون سوق العمل، حتى إن بعض شركات المنتجات التجميلية صارت توظف خريجي الصيدلة للترويج لمنتجاتهم بمبالغ تصل إلى 150 ألف ليرة سورية، من دون بدل مواصلات”.
سلعة حساسة
لا يمكن اعتبار الدواء كأية سلعة أخرى، فأقل ما يمكن وصف الدواء به أنه ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه. يقول المهندس إياد ابو صالح لـ”963+”: “الأوضاع المعيشية صارت صعبة جداً نتيجة غلاء أسعار المنتجات والسلع، بما في ذلك السلع الدوائية، وهي حاجة ملحة وضرورية جداً، وإذا كانت الوصفة الدوائية للمواطن تتضمّن عدة أدوية، فإنه يضطر للاكتفاء بالأهم منها، وهذا غير نافع في العلاج بشكل عام، فالسلعة الدوائية سلعة حساسة تحتاج إلى متابعة شديدة”.
تقول الإعلامية صفاء سليمان لـ”963+”: “يجب أن يكون الدواء على رأس قائمة الدعم لأنه ضروري جداً، ويجب تأمنيه مدعوماً للمواطن”. تضيف: “لا مشكلة مع الجوع، لكن المشكلة كبيرة أن يحتاج ابني دواءً ولا أستطيع تأمنيه لأن سعره يفوق دخلي كمواطنة”.
تضيف: “كل ما يقال من تبريرات لارتفاع أسعار الأدوية من تعرض المعامل للخسارة وغير ذلك هي تبريرات غير مهمة، والمهم فقط هو توفير الدواء بسعر يناسب دخل المواطن”.
احتياج أساسي
يصف قصي زهر الدين ارتفاع اسعار الادوية بأنه مؤسف، ويقول لـ”963+”: “كل الاحتياجات ارتفعت أسعارها، لكن من المؤسف أن يرتفع سعر الدواء لأنه احتياج رئيسي وأساسي للمواطن”.
يضيف: “هناك فقدان لبعض أنواع الأدوية. وعندما تتوافر، يكون سعرها مرتفعاً جداً. وعندما يصف لنا الطبيب 4 أو 5 أدوية، نضطر لشراء دواء واحد فقط”.
ويتحدث زهر الدين عن قريبة له تحتاج أدوية كثيرة، وتضطر لشراء جزء من كل علبة، مطالباً بحل. يقول: “على الأقل، يجب دعم الدواء أو إلغاء الضرائب المفروضة على الأدوية”.
وكان أدم عبد الحق، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الانسانية في سوريا، قد قال للصحفيين في جنيف في آذار/مارس الماضي: “إن احتياجات الشعب السوري تزايدت بشكل كبير منذ بداية الحرب قبل 13 عاماً، لكن مع تحول الاهتمام العالمي إلى أزمات أخرى، فإن الوضع الانساني في البلاد أشبه بسفينة غارقة”.
أضاف: “ومع حدوث العديد من الأزمات بشكل متزامن في جميع أنحاء العالم، فإننا نواجه وضعاً نقوم فيه حرفياً بإزالة الماء بكشتبان من سفينة غارقة”.