خاص / حلب
كشف مسؤول الملف الثقافي في القنصلية الإيرانية بحلب شمالي سوريا، الحاج صابر رامين، لموقع “963+”، تسلّمه يوم أمس السبت، قراراً من شعبة المخابرات العامة في دمشق، يقضي بإغلاق أربعة “مكاتب استقطاب” إيرانية في حلب وريفها.
وقال رامين الذي يعرف بأنه المسؤول الفعلي عن عمليات التجنيد في حلب، إن القرار المفاجئ، أثار ردود فعل غاضبة من القادة الأمنيين الإيرانيين في سوريا، إلا أن القرار كان مذيّلاً بعبارة “مع التقيد بمضمونه”، والتي تشير عادةً إلى أن الأمر لا يحتمل المناقشة.
وتتوزّع مكاتب استقطاب الشباب، المقرّر إغلاقها، على اثنين في حيي الإذاعة والزبدية بمدينة حلب، وثالث في بلدة نبّل شمالها، ورابع في قرية عبطين جنوبها.
أزمة ثقة
ولم تكتفِ الحكومة في دمشق بإغلاق مكاتب التجنيد، إذ قال رامين إن “أجهزة الأمن السورية أخرجت مستشارين إيرانيين من بعض النقاط الحساسة في سفيرة شرق حلب، دون أي مبررات وافية، مكتفية بالقول إن الضرورة الأمنية تتطلب ذلك”.
وكشف مصدر أمني سوري بحلب، لـ”963+”، أن الأمر بداية كان إغلاق سريع لمكتب الاستقطاب في حي الإذاعة والمشرف على القنصلية الإيرانية، ليقوم بعدها جهاز أمن الدولة بتنفيذ إغلاق المراكز الثلاثة الأخرى في المدينة وريفها.
وبحسب المصدر، كانت الأفرع الأمنية على علم بأن المراكز الأربعة مخصصة لتجنيد الشباب السوريين للانضمام مع فصيل “فاطميون” وإعدادهم للمعارك ضد فصائل المعارضة شمال غربي سوريا.
وفي تعليل الإغلاق يقول المصدر الأمني إن المخابرات السورية تحققت من قيام هذه المكاتب في الشهرين الماضيين بالترويج للانضمام لمقاتلي حزب الله اللبناني والوصول لحركة “حماس” الفلسطينية، وهو ما يخالف الغرض المتفق عليه أثناء إنشائها، “واستدعى إغلاق هذه المكاتب بالسرعة الكلية”.
وكان صابر رامين قد تولى نهاية العام 2021 فصيل “فيلق المدافعين عن حلب” المدعوم من إيران، بعد خروج القائد السابق للفصيل، الإيراني جواد غفاري من سوريا.
ويقود رامين مهمة الانتشار الثقافي الإيراني في حلب، واستقطاب الشباب بداية عبر أنشطة كالمولد النبوي ، وافتتاح روضات الأطفال وتعليم اللغة الفارسية، بالإضافة للأنشطة الاقتصادية.
عزلة أم تفكك؟
وتجنّب حلفاء حزب الله اللبناني في إيران وسوريا والعراق التدخل المباشر ضد الضربات الإسرائيلية العنيفة عليه خلال أيلول/ سبتمبر الحالي، خصوصاً إيران التي أقلقت العالم قبل شهرين فقط بوعيد الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران نهاية تموز/ يوليو الماضي.
وتراجعت أطراف “محور المقاومة” حتى في التصعيد الإعلامي، في الوقت الذي استمرّت إسرائيل في تصعيدها العسكري في كل من غزّة ولبنان.
وقبل يومين، أعلنت الحكومة العراقية تعليق الرحلات الجوية بين بغداد وبيروت، ما يعني عدم تمكّن الفارّين من الضربات الإسرائيلية من الوصول للعراق بسهولة.
ويوم أمس السبت، أعلنت الخطوط الجوية الإيرانية تعليق كلّ رحلاتها للعاصمة اللبنانية بعد الضربات الإسرائيلية التي قتلت أيضاً قادة إيرانيين أبرزهم نائب قائد عمليات الحرس الثوري الإيراني، عباس نيلفوروشان.
ورغم تلقّي الطيران الإيراني تهديدات إسرائيلية بعد اختراق موجة الاتصال الخاصة ببرج مراقبة مطار بيروت، إلا أن توقف الرحلات يعني فرض عزلة على عناصر حزب الله وعائلاتهم.
إلا أن عدة ظروف قد تمنع الحكومة السورية من إجراءات مشابهة، أبرزها الحدود المشتركة بين سوريا ولبنان، واللاجئين السوريين في لبنان، وتواجد مسلحي الحزب في أرجاء سوريا.
وتأخرت رسالة الرئيس السوري بشار الأسد للتعزية بوفاة نصر الله إلى اليوم الأحد، وخلت من أي إشارة على دعم سوري محتمل، واكتفت بالحديث عن المقاومة ومناقب الشهداء.
ونقلت تقارير إعلامية قبل أيام إغلاق السلطات السورية مكتب تجنيد كان قد افتتحه “حزب الله” قرب مقام السيدة زينب في ريف دمشق، لاستقطاب متطوعين لمواجهة إسرائيل على الجبهة الجنوبية في لبنان.
وقال التقرير الذي نشره موقع “الحلّ” إن دمشق رفضت بشكل قاطع السماح بتجنيد أي سوري للقتال ضمن صفوف “المقاومة الإسلامية في لبنان”، بينما وافقت السلطات على تجنيد مقاتلين غير سوريين، بعد مفاوضات وتدخل من طهران.
ويرى الباحث المصري في الشأن الإيراني، هاني سليمان، أن ما يواجهه حزب الله ولبنان ومحور المقاومة والممانعة في الوقت الحالي هو اختبار تاريخي لم يتعرض له من قبل.
وقال سليمان، في تصريحات عبر القناة الأولى المصرية: “نحن أمام اختبار تاريخي سيحدد عليه مستقبل محور المقاومة ودور إيران ودرجة ارتباطها بالميليشيات التابعة له، لأننا أمام أزمة ثقة رئيسية”.
استمرار داخل سوريا
وتشير أحداث وقعت، اليوم الأحد، في مناطق سورية مختلفة أن القوات الحكومية لا تمانع أن تكون مدعومة في جبهاتها الداخلية من الفصائل الموالية لإيران، بينما تقول المصادر في حلب أن الحكومة ترفض تقديم دعمها لأنشطة هذه الجهات خارج البلاد.
رفعت القوات الحكومية السورية و”حزب الله” اللبناني الجاهزية العسكرية على خطوط التماس شمال غرب البلاد مع حالة من الاستنفار وسط فصائل المعارضة.
وقال مصدر عسكري مقرب من فصائل المعارضة لموقع “963+”، إن الاستنفار جاء رغم تناقص عدد عناصر “حزب الله” والفصائل المدعومة من إيران في المنطقة “بشكل ملحوظ” منذ تصاعد الهجمات الإسرائيلية على لبنان قبل أيام.
وقُتل وأصيب أكثر من 30 عنصراً من الفصائل المدعومة من إيران اليوم الأحد، في غارات جوية مجهولة بريف دير الزور شرقي سوريا.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن 15 عنصراً من الفصائل الموالية لإيران قتلوا وأصيب نحو 20 آخرون، جراء قصف جوي مجهول استهدف مواقعهم في مدينة دير الزور والبوكمال في ريفها الشرقي على الحدود السورية العراقية.
وكانت طائرة مسيرة تابعة للفصائل المدعومة من إيران، قد هاجمت أمس السبت، القاعدة الأميركية في حقل “كونيكو” للغاز بريف دير الزور، تمكنت قوات التحالف الدولي لمحاربة “داعش” من إسقاطها.
واستهدفت طائرات حربية إسرائيلية أمس السبت، مستودعاً لأشخاص يعملون مع “حزب الله” اللبناني بين بلدتي الطفيل وعسال الورد بريف دمشق الشمالي، قرب الحدود السورية اللبنانية، تزامناً مع استهداف مسيرة إسرائيلية آلية بريف القصير غربي حمص، ما أدى لتدميرها ومقتل شخص مجهول الهوية كان بداخلها، وفق ما ذكر المرصد.
وقال مصدر عسكري مقرب من القوات الحكومية السورية في دير الزور، أمس السبت لموقع “963+”، إن “الحرس الثوري” الإيراني استقدم عشرات الصواريخ وأسلحة متطورة محملة بشاحنات مدنية من الأراضي العراقية إلى النقاط العسكرية المنتشرة على السرير النهري بريف دير الزور الشرقي.
وشهدت مدينة دير الزور أمس الجمعة ارتداء عناصر الفصائل الموالية لإيران الزي المدني وامتناعهم عن حمل السلاح وذلك بعد تعليمات جاءت عقب اجتماع ضم قيادات من “الثوري الإيراني” و”حزب الله” اللبناني في حي الفيلات بالمدينة، بحسب المصدر.