دمشق
حذّر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، يوم أمس الجمعة، من خطر اندلاع حرب إقليمية واسعة تجرّ الشعب السوري إلى مرمى نيرانها.
واستمع مجلس الأمن الدولي، الجمعة، لتحذيرات من تفاقم الأوضاع الأمنية والاقتصادية في سوريا مع ازدياد الاضطرابات الإقليمية وأحداث الانتهاكات داخل البلاد ومناهضة اللاجئين خارجها.
وجاءت جلسة مجلس الأمن في وقت صعّدت فيه إسرائيل هجماتها في لبنان وسوريا، من بينها استهداف مركبة في مطار دمشق صباح أمس، وقبل ساعات من غارة على الضاحية الجنوبية في بيروت أسفرت عن مقتل القيادي في حزب الله إبراهيم عقيل.
وكشف بيدرسون أنه سيلتقي كلاً من وزير الخارجية السوري، ورئيس هيئة المفاوضات السورية، الأسبوع المقبل في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة، بالإضافة لوزراء ومسؤولين من دول أخرى.
وقال إنه سيسعى لدفع العملية السياسية على ثلاث جبهات محددة هي “كسر جمود اللجنة الدستورية، واتخاذ تدابير حقيقية لبناء الثقة، والعمل معاً على نهج جديد وشامل”، مشدداً على أنه “لا يوجد حل عسكري ولا حل ديبلوماسي مجزأ”.
هجمات وانتهاكات
وقال بيدرسون، في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، إن المنطقة تشهد بعد الأحداث الأخيرة في لبنان “لحظة خطيرة للغاية”، مشيراً إلى للهجوم الإسرائيلي على مركبة في مطار دمشق.
وكانت وسائل إعلام سورية قد قالت إن شخصاً قتل وأصيب آخر في قصف إسرائيلي استهدف سيارة كانوا يستقلونها على طريق مطار دمشق الدولي.
وقال المبعوث الأممي إن هجوماً سابقاً على موقع عسكري في سوريا، لم تعترف به إسرائيل، تسبب بسقوط أكبر عدد من الضحايا منذ عدة أشهر، بحسب ما نقل موقع الأمم المتحدة.
ولا يزال الغموض يلف تفاصيل ما حدث خلال هجوم الأحد الماضي على موقع عسكري في مصياف بريف حماة وسط سوريا.
وجدّد بيدرسون الدعوة لخفض التصعيد في سوريا وصولاً إلى وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد، لكنه دعا في الوقت نفسه لما وصفه بـ”نهج تعاوني لمكافحة الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة مجلس الأمن”.
وأبلغ بيدرسون أعضاء مجلس الأمن الدولي عن أحداث اعتقالات تعسفية واختفاء قسري وسوء معاملة وتعذيب أثناء الاحتجاز في جميع مناطق سوريا.
وأضاف أنه تم الإبلاغ مؤخراً عن حالات وفاة أثناء الاحتجاز واعتقالات بهدف انتزاع الرشاوى.
“هيومن رايتس” تصف التواجد التركي في سوريا بالاحتلال وتتهم مسؤوليها بالتورط بجرائم حرب
مناهضة اللاجئين
ودعا بيدرسون إلى حماية السوريين أينما كانوا، وإيقاف خطابات وأفعال مناهضة اللاجئين في البلدان المضيفة، وإحراز تقدم حقيقي نحو “بيئة آمنة وهادئة ومحايدة” للعودة الطوعية التي تتم بأعداد صغيرة، فيما يستمر الناس في مغادرة سوريا.
وأضاف أنه “لا توجد طرق مختصرة على الإطلاق لتحقيق ذلك. وبدون عملية موثوقة للتوصل إلى حل سياسي، فمن المرجح أن تستمر دوامة الاتجاهات الهابطة في سوريا”.
ويواجه اللاجئون السوريون في البلدان الأوروبية، خصوصاً في ألمانيا، خطابات ودعوات لتغيير سياسات اللجوء بعد وقوع هجمات نفذها طالبو لجوء.
كما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اعتقال القوات الحكومية السورية، نحو 200 لاجئ سوري عادوا إلى البلاد منذ مطلع العام وحتى 16 أيلول/ سبتمبر الجاري.
وأكدت الشبكة، أنها سجلت مقتل 5 أشخاص من اللاجئين العائدين تحت التعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة للحكومة منذ مطلع العام.
“أزمة أجيال”
وكشف مدير قسم التنسيق في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، راميش راجاسينغام، عن أرقام كبيرة تتعلق بالاحتياجات الإنسانية للأطفال والنازحين السوريين.
وقال إن الصراع والأزمات في الأعوام الـ13 الماضية دفعت السوريين “إلى ما هو أبعد من حدود التحمل العادي”.
ويحتاج أكثر من 16 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا إلى مساعدات إنسانية، ويتركّز التأثير المدمّر على الأطفال الذين سيترك أكثر من ثلثهم (1.6 مليون) الفصول الدراسية هذا العام، بحسب “أوتشا”.
وأشار راجاسينغام إلى أن الأسر السورية، وسط الأزمة الاقتصادية المتفاقمة وارتفاع الأسعار، تدفع أولادها الذكور إلى العمل، والفتيات القاصرات إلى الزواج المبكّر أو القسري، متسائلاً عما يعنيه هذا لمستقبل سوريا.
وأضاف أن أكثر من نصف مليون طفل يحتاجون إلى علاج سوء التغذية هذا العام، في ظل ارتفاع مستويات سوء التغذية الحاد لدى الأمهات والأطفال ثلاثة أضعاف في السنوات الخمس الماضية.
كما يعيش نحو 2.5 مليون طفل كنازحين في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك ما يقارب مليون طفل يعيشون في المخيمات، واصفاً الأمر بـ”أزمة أجيال” عانت من الحرمان ولم تعرف حياة الأمن والاستقرار.
ولا يزال النداء الإنساني لسوريا ممولاً بنسبة أقل من 26 في المائة، رغم بقاء ثلاثة أشهر فقط لانتهاء العام الحالي، وتصل الأمم المتحدة إلى 4.4 مليون شخص في سوريا كل شهر من أصل 10.8 مليون شخص مستهدف، بحسب الأمم المتحدة.