بيروت
في اليوم الثاني على التوالي، تشكّل الانفجارات المتزامنة للآلاف من أجهزة الاتصال التي يستخدمها عناصر في “حزب الله” الذي نسب الهجوم إلى إسرائيل، ضربة قوية لنظام الاتصالات الخاص به، قد تؤثر على أدائه في أي حرب مقبلة مع الدولة العبرية، كما يرى محللون.
ويستخدم أعضاء “حزب الله” من مقاتلين وطواقم صحية وإدارية، نظام “بيجر” للتواصل، وهي أجهزة استدعاء لاسلكية، بديلا من الهواتف الجوالة بسبب اختراق اسرائيل شبكة الاتصالات في لبنان، كما قال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس).
الوضع صعب!
أدت الموجة الثانية اليوم إلى سقوط 9 قتلى وأكثر من 300 جريح بحسب وزارة الصحة في لبنان، فيما أعلنت أمس الثلاثاء مقتل 12 شخصاً على الأقل وإصابة نحو 4000 آخرين بجروح في الانفجارات المتزامنة لأجهزة الاتصال التي وقعت في معاقل “حزب الله” في لبنان، فيما يقول سليمان هارون، نقيب أصحاب المستشفيات في لبنان، لـ”963+” إن “المستشفيات في لبنان استقبلت أمس الثلاثاء نحو 7000 جريح، وهذا أرهقها، وإذا تكررت هذه الموجة اليوم، فسيكون الوضع صعباً”.
غوتيريش يعلق على انفجارات أجهزة اتصال “حزب الله”.. وبودابست تنفي تصنيعها
وسجّل العدد الأكبر من الجرحى في ضاحية بيروت الجنوبية التي تضمّ مؤسسات “حزب الله” الأساسية، وتوزّع الجرحى الآخرون بين جنوب لبنان حيث يتبادل مقاتلو “حزب الله” القصف عند الحدود مع اسرائيل منذ نحو عام، وفي شرق لبنان حيث يعتقد أن الحزب يخزن بعض أبرز أسلحته.
وقال طبيب في مستشفى الساحل، فضل عدم ذكر اسمه، لـ”963+”: “الجرحى كلهم من فئات عمرية شابة، بين 16 و25 عاماً، إصاباتهم في منطقة البطن، وأغلبها ناتج من حروق سببها مواد شديدة الاشتعال، إلى جانب حروق حادة في الأصابع والوجه، لأن المصابين تلقوا رسالة على أجهزتهم قبل لحظات من انفجارها، فرفعوها إلى مستوى نظرهم للتأكد من المرسل، فانفجرت”.
وقال مصدر مقرب من “حزب الله” لـ “فرانس برس” إن تلك الانفجارات هي “أقسى ضربة يتلقاها الحزب من إسرائيل”، متوعداً الردّ على هذه الضربة.
لو قررت!
منذ بدء الحرب في غزة قبل نحو عام، تشنّ اسرائيل ضربات موجهة ضد مقاتلي “حزب الله” بغارات من طائرات مسيرة تستهدف خصوصا دراجات نارية وسيارات. ومنذ الاسابيع الأولى للتصعيد، طلب “حزب الله” من عناصره الكفّ عن استخدام الهواتف الجوالة لتفادي تحديد الجيش الإسرائيلي موقعهم.
وقال مصدر مقرب من الحكومة اللبنانية لـ”963+” إن “حزب الله” ظن أن هذه الأجهزة أقل خطراً وأكثر مناعة على التجسس، وتبيّن أن إسرائيل قادرة على اختراق موجات الاتصال القصيرة والمتوسطة ضمن شبكة اتصالات ’حزب الله‘، وقد تمكنت من توجيه ضربة قاسية لعصب الاتصال في الحزب”.
وأضاف: “مرّ لبنان في وضع حرج أمس مساءً، فلو قررت إسرائيل التوغل براً في الجنوب اللبناني، لما كان التصدي لها سهلاً كما لو كانت شبكة الاتصال فعالة”.
لن يتأثر
في المقابل، ورغم حجم الهجوم غير المسبوق الذي وقع الثلاثاء، قال العقيد المتقاعد في الجيش اللبناني هشام جابر لـ”فرانس برس” أنه “لن يؤثر ميدانياً على حزب الله بشكل كبير، لأن لديه وسائل ثانية سرية يستخدمها”.
أضاف: “لدى الحزب شبكة اتصالات داخلية أرضية أنشأها قبل سنوات موجودة في كل المناطق بين القيادات، وكذلك للتواصل من منطقة إلى أخرى”.
ويعقب المصدر نفسه أن أحداً لا يعرف حتى الساعة مقدار الاختراق الإسرائيلي لشبكات اتصال حزب الله، مضيفاً: “لقد تأكد حتى الساعة أن الانفجارات ناجمة عن دس مادة متفجرة في داخل كل جهاز، والتحقيقات بدأت لمعرفة إن كان التفخيخ قد تم في المصنع في المجر، حيث صنعت الأجهزة التي وصلت إلى الحزب منذ أشهر، أم تم تفخيخها في الطريق إلى الحزب، وفي الحالتين، لا مكن الحزب أن ينكر أن إسرائيل تخترق سلاسل التوريد الخفية التي يعتمدها”.
الصحة اللبنانية: 12 قتيلاً ونحو 2800 جريح بانفجار أجهزة “بيجر”
وتقول أمل سعد، المحللة السياسية الخبيرة في شؤون “حزب الله”، لـ”فرانس برس”: “إن انفجار أجهزة الاتصال خرق تكنولوجي وأمني لحزب الله، وسيكون للهجوم تأثير على القيادة والسيطرة”، مضيفة: “سيكون عليهم إيجاد طرق جديدة لتجنب مثل هذه الأمور”.
خسائر بشرية
إن كان “حزب الله” قد فقد نحو 7000 جريح، كما يقول هارون، فهذا سيحرمه قوة بشرية لا يستهان بها، “فالآلاف لن يستطيعوا الالتحاق بالجبهات إذا اندلعت حرب واسعة النطاق على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية”، بحسب المصدر نفسه، مضيفاً لـ”963+”: “يجب ألا ننسى أن هناك عدد كبير من المقاتلين منتشرين في مواقع غير معروفة على الجبهة، ولا نعرف بعد إن كانت موجة التفجير قد شملتهم، بعدما فقد الحزب الاتصال بهم”.
في المقابل، رأى العقيد جابر أن عدد الجرحى الكبير لن يكون له بالضرورة تأثير على عمليات “حزب الله”، وقال: “نحن نتحدّث عن ثلاثة آلاف جريح، فيما للحزب 50 ألف مقاتل”، شارحاً أن كبار المسؤولين السياسيين في الحزب لا يستخدمون أجهزة بيجر، وبالتالي لم يتعرض أحد منهم لأذى في هذه الانفجارات.
إلا أن المصدر نفسه يسرّ لـ”963+” بأن مسؤولاً عسكرياً كبيراً في “حزب الله” بالجنوب أصيب بجروح في الانفجارات، فيما قالت سعد: “واضح أن الأمر سيكون له أثر يصل إلى حسابات ’حزب الله‘ العسكرية، وبات عليه أن يعيد النظر في نظام اتصالاته”.