مصياف
دخان مشتعل في أشجار محترقة، وسيارات متفحمة تحولت إلى هياكل معدنية، وأسلاك كهرباء متقطعة… هكذا كان المشهد على الطريق المؤدي إلى مدينة مصياف السورية الهادئة عادةً، غداة قصف إسرائيلي أودى بحياة 18 شخصاً وفق مصادر حكومية سورية.
عند مدخل هذه المدينة الجبلية التي تبعد نحو 220 كيلومتراً إلى شمال العاصمة دمشق، تظهر لافتة حديدية محترقة جزئياً كتب عليها اسم المدينة، فيما بدت آثار القصف جليةً على الطريق المؤدي إليها تحوطه الجبال وأشجار الصنوبر، خلال جولة نظمتها السلطات السورية للصحافيين غداة القصف، بحسب تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس).
وقال وزير الصحة السوري حسن محمد الغباش إن عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على محيط مصياف بلغ 18 قتيلاً ، إضافة إلى 37 جريحاً، وحمّلت الحكومة السورية اسرائيل مسؤولية الغارات، لكن الدولة العبرية لم تؤكد تنفيذها هذه الضربات.
وتضرر الطريق المؤدي إلى مصياف بشكل كبير، وكذلك أسلاك شبكتي الكهرباء والاتصالات، ودأب عمال فنيون على إصلاحها وإعادة توصيلها. وكانت سيارات الإسعاف والدفاع المدني لا تزال تجول في المكان، فيما توزعت على جانبي الطريق سيارات محترقة ومتفحمة بشكل كامل تحولت إحداها إلى هيكل معدني. وبرزت كذلك نحو خمس حفر كبيرة. كما كان الدخان لا يزال يتصاعد من بعض أشجار الصنوبر المحترقة.
على دراجة نارية مع زوجته وطفليه، روى محمد عكاري (47 عاماً)، والذي يقطن قريبا من مكان القصف، كيف اهتز بهم منزلهم قبل نصف ساعة تقريباً من منتصف الليل، كما روى لـ”فرانس برس”، مضيفاً: “لم نسمع قط مثل هذا الصوت… كان انفجاراً مرعباً. أولادي أصابتهم حالة رعب”.
وفي مستشفى مصياف الوطني، سادت حالة من الهدوء. فهنا يرقد محمد شميل (36 عاماً) الذي يعمل عنصراً في فوج إطفاء محافظة حماة التي تتبع لها مدينة مصياف، مصاباً بساقه وقدمه. وقال الرجل وقد بدت آثار الألم على ملامحه: “كل ما مرّ علينا سابقاً شيء، وما شهدناه في هذا الحادث شيء آخر. إنهم لا يميزون بين مدني وعسكري”.
أهداف عسكرية
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغت حصيلة الغارات 26 قتيلاً، وأسفرت عن تدمير مبان ومراكز عسكرية، كما استهدفت مركز البحوث العلمية في مدينة مصياف.
ونقلت وكالة “سانا” السورية الرسمية عن مصدر عسكري قوله إن الهجوم حصل من اتجاه شمال غرب لبنان، مؤكّداً استهداف عدد من المواقع العسكرية في المنطقة الوسطى، وقال: “تصدت وسائط دفاعنا الجوي للصواريخ وأسقطت بعضها”.
وتزايدت الضربات الإسرائيلية على سوريا منذ بدء الحرب بين إسرائيل و”حماس” في قطاع غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، في أعقاب شنّ الحركة الفلسطينية هجوماً غير مسبوق على جنوب إسرائيل.
وإن كان “حزب الله” قد أعلن فتح “جبهة إسناد” لغزة من جنوب لبنان ضد إسرائيل، فإن سوريا تحاول البقاء بمنأى من التصعيد الإقليمي. لكن “حزب الله” اللبناني وفصائل أخرى موالية لإيران تنفّذ أحياناً هجمات على مواقع إسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة انطلاقاً من الأراضي السورية.
في نيسان/أبريل الماضي، استهدف قصف نُسب إلى اسرائيل مبنى ملحقاً بالسفارة الإيرانية في دمشق، أسفر عن مقتل 7 عناصر من الحرس الثوري الإيراني. وردّت إيران على هذا القصف بهجوم غير مسبوق على إسرائيل.