دمشق
قالت وزارة الإعلام السورية، في بيان أمس الأحد، إنها قامت مع وزارتي العدل والداخلية بإحالة مسؤولين عن إنتاج مضامين عبر الإنترنت للقضاء، دون كشف النص القانوني للتهم الموجهة ولا العقوبات الناتجة عنها.
ووصف البيان المحتوى المحظور الذي نشره المتهمون عبر منصات رقمية ووسائل التواصل الاجتماعي بـ”مضامين هابطة تنتهك حرمة الآداب العامة وتسيء إلى قيم المجتمع السوري وثوابته الوطنية والأخلاقية”.
وأعلنت الوزارة توفر خدمة الشكوى الإلكترونية لدى قسم الرصد التابع لها لاتخاذ الإجراءات بحق المنصات والصفحات المُبلغ عنها.
وربما تشير مفاهيم الآداب العامة وقيم المجتمع السوري إلى تهم تتعلق بمادة من قانون العقوبات السوري تحكم بالحبس على من “يتعرض للآداب العامة”، بينما يذكّر تعبير “الثوابت الوطنية” بالقيود المفروضة على حرية التعبير في البلاد، ومنها بنود وردت في قانون الجريمة المعلوماتية الصادر عام 2022 كإعادة تنظيم لقانون سابق يعود للعام 2012.
ومنتصف آب/أغسطس الفائت، كشف بيان لوزارة الإعلام السورية عزمها على متابعة ومحاسبة منصات رقمية “غير مرخّصة” تنشر محتوىً قالت إنه ينتهك حرمة الآداب العامة.
وتحدد الشركات العالمية المالكة لبعض المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، معايير مختلفة للمحتوى المحظور، كالمنشورات والمواد المصنّفة ضمن التحريض على الكراهية، والإساءة،وانتهاك خصوصية الأشخاص، والمحتوى الإباحي المتعلق بالأطفال، والتضليل، لكن بيانات الوزارة السورية لم تحدد أي قائمة من هذا النوع.
الإعلام السورية تفرض المزيد من الرقابة على نشر المحتوى الرقمي
محتوى مسيء للمجتمع
وأعلنت وزارة الداخلية السورية، الخميس الماضي، القبض على أحد أصحاب منصة على صفحات التواصل الاجتماعي والعاملين لديه بعد نشرهم مقاطع فيديو تتضمن “الإساءة إلى قيم وأخلاق المجتمع السوري”.
وأظهر جزء من الفيديو الذي أرفقته الوزارة مع الخبر شخصاً يطرح سؤالاً على المارين في الشارع على شكل “حزورة” تتضمن كلمات توحي بأن الإجابة هي أحد الأعضاء الجنسية.
وقال الضابط محمد عساف، من فرع مكافحة الجرائم المعلوماتية، إن الأشخاص المقبوض عليهم كانوا يديرون عدة منصات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين أظهر مشهد مرافق للحديث 7 موقوفين بينهم امرأة.
وأضاف أن أدوار هؤلاء الأشخاص كانت النشر أو المونتاج أو التصوير أو التمثيل.
وفي 21 آب/أغسطس الماضي، ألقى الأمن الجنائي على أصحاب منصة أخرى قاموا بنشر فيديو على أنه واقعي في سوريا عن امرأة تسير مع رجلين وخلال المقابلة تقول إن أحدهما زوجها الحالي والثاني زوجها السابق الذي ما تزال تزور منزله.
وأظهرت فيديو 4 أشخاص متوجهين للجدار، قال بيان الداخلية إنهم المقبوض عليهم الذين اعترفوا بتمثيل ونشر الفيديو بهدف السعي للربح المادي من الإنترنت عبر زيادة عدد المشاهدات على المنصة.
اتهامات فضفاضة
ورغم أن الحالتين الأخيرتين محددتين بقضايا الأخلاق تحديداً، أضافت وزارة الداخلية تعبير “ثوابت وطنية” أثناء توصيفها لما تعزم ملاحقته.
وقال رئيس فرع جرائم المعلوماتية، العقيد لؤي نعيم شاليش، عبر فيديو نشرته وزارة الداخلية، إنه “ستتم ملاحقة جميع الصفحات والمواقع الإلكترونية التي تسيء بمحتواها إلى قيم ومبادئ المجتمع السوري، سواء كان المحتوى المنشور مسموعاً أو مشاهَداً أو بالصور”.
وخلال السنوات السابقة، شنت وزارة الداخلية والأفرع الأمنية الحكومية حملات اعتقالات بحق صحفيين وناشطين اتهمتهم “بالتواصل والتعامل مع مواقع إلكترونية مشبوهة”، كما حدث عند اعتقال المذيعة في التلفزيون السوري هالة الجرف و7 آخرين.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، اعتقل الأمن الجنائي في دمشق تجاراً بتهمة التعامل غير القانوني بالعملات الأجنبية، وذلك لاستخدامهم كلمة “دولار” في منشوراتهم وتعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو خلال محادثاتهم عبر تطبيق واتسآب.
وتحتوي مواد قانون جرائم المعلوماتية رقم 20 للعام 2022، مسميات انتحال الحساب الشخصي، وإرسال رسائل غير مرغوب فيها، والاحتيال المعلوماتي، وانتهاك الخصوصية، والذم الإلكتروني، وجرائم المساس بالحشمة أو الحياء وغيرها.
كما ينص القانون على الاعتقال من 7 إلى 15 سنة وغرامة 10 ملايين ليرة سورية على “كل من أنشأ محتوى على الإنترنت بقصد إثارة أفعال تهدف أو تدعو لتغيير الدستور بطريقة غير مشروعة، أو سلخ جزء من الأرض السورية عن سيادة الدولة، أو إثارة عصيان مسلح ضد السلطات..، أو قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة”.
وورد في المادة 28 جُرم النيل من هيبة الدولة والمساس بالوحدة الوطنية، ثم النيل من مكانة الدولة المالية، لتليها جرائم ترويج المخدرات ثم الإساءة للأديان.
نماذج إقليمية ودولية
وكانت وزارة الداخلية العراقية قد سبقت نظيرتها السورية حين أنشأت، في كانون الثاني/ يناير من العام الماضي 2023، ضمن هيكليتها “لجنة المحتوى الهابط” التي نفذت حملة اعتقالات.
لكن منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية عراقية قالت إن هذا القانون يقيّد الحريات، وإن السلطات العراقية مارست أساليب تعسفية بحق فئة من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بحجة “المحتوى الهابط” دون وروده أو تعريفه في القوانين الوطنية.
كما اتهمت العفو الدولية الأردن باستخدام قانون الجرائم الإلكترونية، الذي أصدرته قبل عام، “كسلاح لاستهداف الصحفيين والنشطاء وغيرهم والتضييق عليهم بسبب ما يعبرون عنه من آراء على الإنترنت”.
ولا تمنع تركيا المحتوى المتعلق بأخلاقيات المجتمع كما أنها لا تحظر المحتويات الإباحية بشكل كامل، إلا أنها تفرض قيوداً صارمة على الآراء المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما للصحفيين والناشطين.
كما وصل الأمر لحظر تركيا استخدام تطبيق إنستغرام على أراضيها خلال آب/ أغسطس الفائت، وهو ما اعتبرته منظمة “هيومن رايتس ووتش”الحقوقية الدولية انتهاكاً لحق حرية التعبير.
#انستغرام #انتهاكات #الصحفيين #شكوى_الكترونية