دمشق
سلّمت منظمة العالم المسيحي الروسية، أمس الأحد، وزارة التربية السورية، آلاف النسخ من كتاب مدرسي لتعليم اللغة الروسية مخصص للصف السابع الأساسي.
ورغم توفر مقررات دراسية سابقة، ظهر الكتاب الجديد لتمكين تعليم الروسية وتحقيق المزيد من ارتباط تعليم التلاميذ السوريين بالثقافة والمصالح الروسية.
ويختلف تعليم اللغة الروسية في مدارس البلاد عن الإنجليزية والفرنسية من حيث حداثته، وعلاقته المباشرة بالتدخل العسكري لموسكو في سوريا، ومحاولتها ترسيخ نفوذها عبر مسارات مختلفة أبرزها التعليم والاقتصاد إلى جانب السياسة والحرب.
وتطرح الخطوات المتلاحقة لترسيخ اللغة الروسية في مناهج التعليم تساؤلات عن المخطط الروسي لنوع العلاقة بين البلدين، وما تبتغيه من الأجيال السورية وربط مستقبلها بلغتها وجامعاتها.
منتج في موسكو
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن معاون وزير التربية، رامي الضللي، أن 1000 نسخة من أصل 5000 استلمتها الوزارة، سيتم توزيعها هذا العام على طلاب 6 محافظات بشكل تجريبي.
واعتبر الضللي أن استلام الكتاب الذي ألفته لجنة مشتركة، هو تتويج لعلاقات التعاون بين وزارتي التربية السورية والروسية، وخطوة لتعزيز العلاقات بين المنظمة الروسية والحكومة السورية.
ومن نشاطات منظمة العالم المسيحي الروسية في سوريا منحها شهادات دبلوم وإتمام دورات لمدرسي اللغة الروسية، وتكريم طلاب في أولمبياد اللغة الروسية.
وكان قرار اعتماد اللغة الروسية لغة أجنبية ثانية في المدارس السورية قد بدأ أول مرة في العام الدراسي 2014- 2015، بالتزامن مع التدخل العسكري الروسي رسمياً في الحرب في البلاد إلى جانب الحكومة السورية.
وبدأت الدراسة اعتباراً من الصف السابع، لتقوم الوزارة تدريجياً بوضع منهاج للصف الدراسي اللاحق، حتى انتهت عام 2020 من إدراج مقرر اللغة الروسية في الشهادة الثانوية العامة، وتم اعتماد الروسية في مفاضلة القبول الجامعي بالأهمية ذاتها المعطاة للإنجليزية والفرنسية.
ورغم أن المقررات الدراسية للغة الروسية كانت موجودة، إلا أنها ربما لا تلبي طموح موسكو في جودة التعلم وترسيخ ارتباط الطلاب بالروسية مستقبلاً، والذي قد يفتح مجالات أوسع للعمل في خدمة مصالح روسية عسكرية أو سياسية أو اقتصادية.
مناطق محددة
وأوضحت وزارة التربية السورية، أمس الأحد، أن تدريس الكتاب الجديد هذا العام سيكون تجريبياً في محافظات دمشق وحمص وطرطوس واللاذقية والسويداء ودرعا.
وتظهر المناطق التي اختارتها الوزارة مرة أخرى النفوذ العسكري الروسي في العاصمة دمشق وحمص وسط البلاد حيث العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، والساحل السوري حيث قاعدة حميميم والأهمية الاستراتيجية للبحر المتوسط، وجنوبي البلاد حيث القوات الروسية وسيطة بين القوات الحكومية والمجتمعات المحلية.
ووصل عدد الطلاب الذين يدرسون اللغة الروسية في المدارس السورية كلغة أجنبية ثانية إلى39.500 طالب وطالبة من الصف السابع الأساسي وحتى الثالث الثانوي، بحسب وزارة التربية.
وإلى جانب المدارس العامة، افتتحت خلال السنوات السابقة مراكز تعليمية خاصة بتعليم اللغة الروسية في المناطق ذاتها، العاصمة والساحل والجنوب.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي 2020، افتتحت في مدينة حلب أول روضة أطفال تعلم اللغة الروسية.
وفي تموز/ يوليو عام 2021، افتتحت روسيا فرعاً لكلية “ناخيموف” البحرية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، والخاصة بتعليم الأطفال العلوم العسكرية في مدينة اللاذقية.
وأوصلت علاقات الجامعات والجهات التعليمية والثقافية الروسية، عدد الطلاب السوريين الدراسين في الجامعات الروسية حالياً إلى 5000 طالب، إلى جانب افتتاح 6 صفوف لتعلم اللغة الروسية عن بعد، بحسب ما نقلت “سانا” عن رئيس منظمة اتحاد العالم المسيحي، ألكسي تشيركيزوف.
شراكة للدفاع عن الروسية
وفي 17 تموز/ يوليو الماضي، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال معرض صور بمناسبة الذكرى الـ80 لبدء العلاقات الديبلوماسية الروسية السورية، إن الحكومة السورية “شريك موسكو الحيوي في الدفاع عن الشعب الروسي ولغته وثقافته”.
تعليم الروسية.. ديبلوماسية موسكو الناعمة في التغلغل داخل المجتمع السوري
وكان وزير التربية السابق، دارم طباع، قد قال في شباط/ فبراير العام الماضي 2023 في تصريح لـ”سبوتنيك” الروسية إن الطلاب ينجذبون للمنح المقدمة للسوريين في الجامعات الروسية في ظل “محدودية فرص الدراسة في الجامعات الأوروبية”.
ويشير آخرون لتطلع القوات الروسية لتشغيل السوريين لصالح مصالحها العسكرية سواء في العمليات التابعة لمطار حميميم داخل سوريا، أو في بلدان أخرى.
وخلال حربها المستمرة مع أوكرانيا، استخدمت القوات الروسية سوريين في القتال، إذ أعلنت موسكو في آذار/ مارس عام 2022 علناً أن نحو 16 ألف مقاتل من الشرق الأوسط قد تطوعوا للقتال إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا.
وتحدثت تقارير عن مقتل بعضهم ممن دفعهم ضيق العيش في بلادهم بالرواتب حتى لو كان الثمن القتال في الجبهات الأمامية لحرب لا ترحم.
ولا شك أن موسكو ستتمكن بصورة أكثر من استخدام السوريين في خدمة مصالحها عبر العالم إذا ما كانوا يتقنون اللغة الروسية ومتشبعين بثقافتها لدرجة الشراكة الحيوية في الدفاع عن مصالحها ولغتها وثقافتها.
موسكو ـ روسيا ـ يوم اللغة الروسية ـ سوريا ـ وزارة التربية ـ دمشق ـ اللغة الروسية