عاد جهاز التسريع الخطي لمعالجة الأورام السرطانية في المستشفى الجامعي باللاذقية غربي سوريا، إلى العمل مجدداً بعد إصلاحه، ليقدم بذلك خدمات لمئات المرضى من مختلف المناطق لاسيما في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة، موفراً بذلك عناءً وتكاليف كثيرة على أبناء هذه المناطق الذين كانوا يضطرون للذهاب إلى مستشفيات العاصمة دمشق خلال السنوات الأخيرة.
كان مستشفى اللاذقية الجامعي يحوي جهازين للتسريع الخطي لمعالجة الأورام، قبل أكثر من سنتين، إلا أن أنهما تعطلا، ليبقى المستشفى دون جهاز أورام، حتى سقوط النظام السابق وبدء مديرية الصحة جهوداً حثيثة من أجل إصلاح الجهاز وإعادته للعمل بالتعاون مع جمعية “سامس”، وفق ما أكدت إدارة المشفى لموقع “963+”.
المدير الطبي للمستشفى الدكتور فراس حسين، قال لموقع “963+”، إن “عودة جهاز المسرع الخطي لمعالجة الأورام إلى العمل، هو خدمة كبيرة لأبناء المنطقة، حيث أن الكثير من الأمراض لا يمكن إجراء عمليات شعاعية لها إلا باستخدام هذا الجهاز، كأورام الثدي والقولون والحنجرة وغيرها، التي لا يمكن إجراء العلاج الشعاعي لها عبر جهاز “الكوبان”.
وأضاف، أنه “قبل التحرير كان هناك جهازان للتسريع الخطي لمعالجة الأورام، أحدهما خارج الخدمة منذ أكثر من عامين، والثاني منذ أكثر من عام، ما شكّل عبئاً على المرضى الذين كانوا يضطرون للذهاب إلى دمشق، ما دفع إلى تكثيف الجهود من أجل إصلاح أحد الجهازين، وهو ما حصل قبل أيام وأصبح بالخدمة”، متوجهاً بالشكر إلى مديرية الصحة باللاذقية وجمعية “سامس” لجهودهما في هذا الشأن.

وأوضح أن “الجهاز يقدم خدمات للمرضى في محافظات اللاذقية وطرطوس وأرياف حماة وحمص وإدلب، إلى جانب مرضى قادمين من أرياف حلب ودير الزور شرقي البلاد، إذ أصبح الوجهة الثانية لمرضى الأورام في سوريا بعد مستشفى البيروني الجامعي بدمشق، حيث يخدم ما بين 50 إلى 100 مريض يومياً”، مؤكداً أن “الجهاز المسرع الآخر هو قيد الإصلاح وسيكون في الخدمة خلال الفترة القليلة القادمة.
وكان وزير الصحة في الحكومة السورية الانتقالية مصعب العلي قد قال في كلمة خلال مشاركته بالدورة الثامنة والسبعين لجمعية الصحة العالمية في جنيف بالسابع عشر من أيار/ مايو الجاري، إن النظام الصحي في سوريا تعرض لأضرار جسيمة خلال سنوات طويلة من الأزمة، وتراجعت الخدمات الطبية بشكل ملحوظ.
وأضاف، أن “نحو 40 بالمئة من المشافي متوقفة عن العمل أو تعمل بشكل جزئي، في حين اضطر العديد من العاملين في القطاع الصحي إلى مغادرة البلاد بحثاً عن الأمان”.
وقال المدير العام لمستشفى اللاذقية الجامعي الدكتور عبد الناصر رضوان، إن “المستشفى كان يعاني من بنى تحتية متهالكة ونقص كبير في الأجهزة والمعدات الطبية والكوادر والممرضين خلال الفترة التي سبقت سقوط نظام بشار الأسد، إلى جانب عدم التزام العاملين وانتشار الفوضى والمحسوبيات”.
وأشار خلال تصريحات لموقع “963+”، إلى أن “العمل في المستشفى تغير بشكل ملحوظ بعد سقوط النظام من حيث تأمين المواد والمستلزمات الطبية والأدوية وتزايد أعداد العاملين وإصلاح الأقسام والأجهزة، في ظل تعاون واضح من قبل مديرية صحة اللاذقية ووزارة التعليم العالي، التي ينتسب إليها الأطباء الجامعيون العاملون في المستشفى”.
وأوضح، أن “الأطباء الجامعيون وطلاب الدراسات العليا، هم يتبعون من الناحية الإدارية لوزارة التعليم العالي، ومن الناحية الخدمية لوزارة الصحة في ظل تعاون واضح بين الجانبين للنهوض بالواقع الطبي في المستشفى، ما ينعكس على تقديم الخدمات بشكل أفضل للمراجعين”.
وتحدث رضوان عن “خطة مستقبلية تقوم على التواصل مع الأطباء السوريين خارج القطر الذين كانوا في الأصل يعملون في المستشفى أو طلاب في كليات الطب في جامعات سوريا”، مشيراً إلى أن “قسم كبير من هؤلاء الأطباء زار المستشفى بعد سقوط النظام، ونظموا حملات طبية لمساعدة أبناء المنطقة، إلى جانب جمعهم تبرعات لصالح المستشفى والمؤسسات الطبية بالمنطقة”.

وأكد أنهم “يبذلون جهوداً من أجل إقناع هؤلاء الأطباء بالعودة إلى سوريا والمساهمة في دعم ورفد القطاع الطبي خاصةً المتواجدين منهم في أوروبا وأميركا، والذين أثبتوا كفاءة عالية في البلدان التي هاجروا إليها خلال حكم النظام السابق”، لافتاً إلى أنهم “أجروا محادثات مع بعضهم وأكدوا استعدادهم للعودة والعمل في البلاد”.
وفي السياق، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إنه أكد لوزير الصحة السوري مصعب العلي، التزام المنظمة بدعم النهوض بصحة جميع السوريين بعد سنوات من المعاناة.
وأضاف، في منشور على منصة “إكس“ أمس الأربعاء، أنه “وافق على طلب استثناء سوريا من أي خفض في الدعم الصحي المقدم عبر البرامج الدولية، مشيراً إلى أن “النظام الصحي في سوريا يحتاج لإعادة تأهيل”.
وكان منظمة الصحة العالمية، قد أطلقت قبل يومين، استجابة طارئة لمدة 6 أشهر في سوريا، فيما يخص مجال الصحة والمياه والصرف الصحي، لحماية أكثر من 850 ألف شخص من الأكثر عرضة للخطر في حلب واللاذقية والحسكة ودمشق.
وبيّن العلي أن رؤية وزارة الصحة للتعافي التدريجي شاملة، وترتكز على محاور عدة، منها إعادة بناء وتأهيل البنية التحتية الصحية.