بيروت
فيما تستمر حال الترقّب انتظاراً للردّ الآتي من إيران على اغتيال إسماعيل هنية، الرئيس الراحل للمكتب السياسي في “حماس”، أو الآتي من “حزب الله” اللبناني على اغتيال الرجل الثاني في هرم قيادته العسكرية فؤاد شكر، طرأ تغيير مهم في مسألة المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق لإطلاق النار في غزة.
إيران تشارك
تقول القناة “12” الإسرائيلية إن المفاوضات هذه المرة “مختلفة”. فلأول مرة، “إيران مهتمة بإرسال ممثل عنها، يشارك في المحادثات من وراء الكواليس، محتفظة بقناة اتصال مع الولايات المتحدة”، فيما تؤكد صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أن يحيى السنوار، الرئيس الجديد للمكتب السياسي لحركة “حماس”، قال في رسالة نقلت إلى الوسطاء العرب: “إذا كانت إسرائيل جادة بشأن المفاوضات، وتريد مشاركة ’حماس‘، فعليها وقف عملياتها العسكرية في غزة أولاً”.
لم تشر أي وسيلة إعلامية إيرانية إلى هذا الأمر، إنما استمر الإعلام الإيراني في تأكيد حق طهران في الدفاع عن نفسها، بحسب ما نقلت وكالة أنباء فارس عن وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري، وفي اتصال هاتفي تلقاه من وزير الخارجية الإيطالي انتونيو تاياني. وقال باقري: “إن الاعمال العدوانية التي ارتكبها كيان الاحتلال في الآونة الأخيرة ضد سوريا ولبنان وايران، انتهاك سافر للسيادة الوطنية لهذه البلدان، وطهران تؤكد على حقها المشروع في الرد على الاعتداء الصهيوني على سيادتها الوطنية”.
وكانت الخارجية الإيرانية قد رفضت اليوم الثلاثاء تحذيراً مشتركاً من فرنسا وبريطانيا وألمانيا بشأن هجوم إيراني محتمل على إسرائيل، ودعوة لطهران بضرورة تجنب تصعيد التوترات الإقليمية. وردت الخارجية بوصف هذا الطلب بأنه “وقح ويفتقر إلى المنطق السياسي”، مؤكدةً أن طهران لا تطلب إذناً من أحد “للانتقام من انتهاك حرمة أمنها”، وفق وكالة تسنيم الإيرانية.
شروط جديدة
من جانبها، تقول “نيويورك تايمز” الأميركية إن العودة إلى الوثائق التي قُدمت إلى الوسطاء الأميركيين والمصريين والقطريين بنهاية تموز/يوليو الماضي تنبئ بأن إسرائيل قدمت قائمة مطالب جديدة، “بينها سيطرة إسرائيل على الحدود الجنوبية لغزة، وهو شرط لم يظهر في الاقتراح السابق، ومرونة أقل في ما يتعلق بعودة النازحين إلى منازلهم في شمال قطاع غزة بعد وقف الأعمال العدائية”.
إن كان الأمر على هذه الحال، “فلا أمل يرتجى من المفاوضات المقررة يوم الخميس 11 آب/أغسطس”، كما يقول موقع “والاه” العبري، مبدياً خشيته من ضربة استباقية توجهها إسرائيل لإيران أو لـ”حزب الله” أو للاثنين معاً.
فقد نقل الموقع العبري عن مصادره في الجيش الإسرائيلي قولها إنّ عدد المقاتلات والمسيرات في الجو زاد بشكل كبير في الأيام الأخيرة، “لتعقب خطوات إيران و’حزب الله‘ والفصائل الأخرى الموالية لطهران، وهذا التعزيز الجوي يهدف إلى تكثيف عمليات المراقبة جمع المعلومات الاستخبارية، استعداداً لرصد بطاريات صواريخ أو انتشار غير عادي يهدّد العمق الإسرائيلي في الوقت القريب، ومهاجمته ومنعه من تنفيذ ضرباته”.
خوف أميركي
وقال الموقع إن السيناريو الذي يخشاه الأميركيون هو “هجوم وقائي إسرائيلي ضد لبنان وإيران، يدفع المحور الإيراني كله إلى شن هجوم مكثف وواسع النطاق على إسرائيل”.
ويسأل الموقع العبري: “وفقًا لهذا السيناريو، هل يكتفي الجيش الأميركي بحماية إسرائيل والمصالح الأميركية، أم ينضم إلى الهجوم على أهداف عسكرية في إيران ولبنان؟”
وفي السياق نفسه، نشر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت صورة له في أحد مراكز القيادة العسكرية في شمال إسرائيل، أمام علم لبنان، وقال إنه في المركز الذي اتخذ فيه قرار اغتيال شكر، مضيفاً، بحسب صحيفة “إسرائيل اليوم”: “عيننا على بيروت وطهران، وجاهزون للهجوم أينما كان”.
الخطأ الثاني
إلى ذلك، تنقل “معاريف” العبرية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن المستويات السياسية والأمنية في إسرائيل “لم تتوقع انتقاماً إيرانياً مباشراً” رداً على اغتيال هنية في طهران، “بحجة أن لا بصمات إسرائيلية في عملية الاغتيال هذه”، كما ورد اليوم الثلاثاء في “واشنطن بوست” الأميركية.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، لست هذه أول مرة في هذا العام تخطئ فيها إسرائيل في الحكم على تصميم إيران على الانتقام، “وكانت المرة الأولى حين دمرت المقاتلات الإسرائيلية القنصلية الإيرانية في دمشق، فردّت إيران بوابل من الصواريخ والمسيرات في 13 نيسان/أبريل”.
إلا أن هذه المرة أخطر كثيراً من المرة الأولى، “لأن إيران استخلصت الكثير من العبر من الهجوم الأول، وطورت تكتيكات هجومية جديدة، تأمل طهران في أن تربك منظومة الدفاع الإسرائيلية بهجوم صاروخي أكبر، يشارك فيه “حزب الله” اللبناني، إلى جانب فصائل إيرانية تشن هجمات منسقة من العراق وسوريا.
وفيما الاستعدادات في إسرائيل قائمة على قدم وساق، يأمل كبار مسؤولي الإدارة الأميركية في أن يأتي الرد الإيراني مدروساً، لا يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية.
في إسرائيل، الجيش مصمم على الرد بقوة على أي هجوم. وتنقل الصحيفة عن مسؤولين عسكريين قولهم: “الحرب هذه قد تستمر يوماً واحداً، أو قد تطول أياماً”، مذكرةً بأن “حزب الله” – وحتى إيران – قد يفكر في التراجع عن توجيه ضربة قاسية لإسرائيل، إن تم وقف النار في غزة.