دمشق
تحدث محللون عن قضايا شائكة وعقبات تعيق مسار المصالحة بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان، وذلك رغم مؤشرات على اجتماع قد يكون وشيكاً بين الطرفين، بعد قطيعة تجاوزت عقداً من الزمن، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب).
وتقول نائب رئيس مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد السلام الأميركي منى يعقوبيان لـ”ا ف ب” إن المصالحة “لن تحصل بين عشية وضحاها، بغض النظر عما يحدث، حتى لو جرى لقاء بين أردوغان والأسد”.
وتشير إلى “تعقيدات” في ملفات عدة عالقة، تجعل مؤكداً أن استعادة العلاقات “ستحصل في أحسن الأحوال بشكل تدريجي وطويل الأمد”.
وقال أردوغان، الشهر الحالي، إنه قد يدعو الأسد الى تركيا “في أي وقت”، بعدما كان أرسل مؤشرات إيجابية تجاه الأسد في العام 2022، ويبدأ مسؤولون من البلدين عقد لقاءات ثنائية بوساطة روسية.
وأبدى الأسد، الإثنين الماضي، إيجابية تجاه مبادرة أردوغان، لكنه قال إن المشكلة ليست في حصول اللقاء بحد ذاته إنما في مضمونه.
وجاءت تصريحات أردوغان على وقع تفاقم مشاعر معادية للاجئين السوريين في تركيا التي تستضيف نحو 3,2 ملايين لاجئ سوري، يشكل مصيرهم قضية حساسة في السياسة الداخلية مع تعهد خصوم أردوغان إعادتهم الى بلدهم.
ويقول آرون شتاين، رئيس معهد أبحاث السياسة الخارجية ومقره الولايات المتحدة لـ”ا ف ب”، إن “سوريا واللاجئين السوريين باتوا عبئاً كبيراً على أردوغان”.
ويعتبر أن “استثمار أنقرة في المعارضة السياسية، من وجهة نظر عسكرية، باء تماماً بالفشل”.
ويرى مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن سونير كاغابتاي، أن أنقرة “تريد من الأسد أن يقضي على قوات سوريا الديموقراطية”.
ويضيف: “عندها سيبدأ التطبيع الحقيقي في شمال غربي سوريا، مع التزام تركيا سحب قواتها تدريجاً”.
ويرجح محللون أن يكون تفعيل اتفاقية أضنة الموقعة بين تركيا وسوريا هي “الأداة الوحيدة المتاحة.. كونها تخول تركيا شن عمليات في سوريا على عمق خمسة كيلومتر من الحدود” إذا تعرض أمنها القومي للخطر.
ولطالما اتهمت دمشق أنقرة بخرق الاتفاق منذ بدء النزاع عام 2011.
وتقول يعقوبيان إنه يتعين الانتظار لمعرفة إذا كان بالإمكان “إعادة صياغة” الاتفاق مع وجود الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وإدارتها لمساحات واسعة.
ومع قرب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة واحتمال وصول إدارة جديدة، لا تستبعد يعقوبيان أن يكون التقدم نحو المصالحة بمثابة “تحسب لأي تحول محتمل في السياسة الأميركية” تجاه سوريا.
وفي مرحلة انتقالية، لا يستبعد كاغابتاي أن يعترف أردوغان بسلطة الأسد في شمال غربي سوريا، لكن مع أن يبقى الأمن “في يد أنقرة”، على أن يكون الهدف النهائي إعادة اللاجئين السوريين من تركيا.
وكانت تركيا قبل الأزمة السورية في العام 2011، حليفاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا. وجمعت أردوغان علاقة صداقة بالأسد، لكنها بينهما انقلبت رأساً على عقب مع بدء الاحتجاجات ضد الحكومة السورية.
ودعت أنقرة بداية حليفتها إلى إجراء إصلاحات سياسية، لكن مع قمع التظاهرات بالقوة وتحولها تدريجا إلى نزاع دام، دعا أردوغان الأسد إلى التنحي.
وفي آذار/ مارس 2012، أغلقت تركيا سفارتها في دمشق. وقدمت دعماً للمعارضة السياسية، قبل أن تبدأ لاحقاً بدعم فصائل معارضة مسلحة وتسيطر مع جيشها على مدن وبلدات سورية تقع شمال غربي البلاد وشرقها.