رغم التحديات المزمنة والتراجع العام الذي طال الرياضة السورية، تواصل رياضة الكاراتيه الحفاظ على مكانتها كأحد أبرز الفنون القتالية في البلاد، مدفوعة بروح المقاتلين وجهود فردية في صالات متواضعة وإمكانات محدودة. وخلال الأسابيع الماضية، احتضنت دمشق بطولتين وطنيتين بإشراف الاتحاد السوري للكاراتيه، كشفتا عن مستوى فني واعد وخطة منهجية لإعادة بناء المنتخبات، تحضيراً للاستحقاقات الخارجية وعلى رأسها بطولة غرب آسيا في الأردن.
بطولة تحضيرية… بداية الطريق إلى غرب آسيا
بدأ الاتحاد السوري للكاراتيه خطته بتنظيم بطولة وطنية تحضيرية لفئتي تحت 18 وفوق 21 سنة، كخطوة أولى لاختيار لاعبي المنتخب تمهيداً للمشاركة في بطولة غرب آسيا، وذلك بعد انتظار الموافقة الرسمية.
ووفقاً لما يؤكده عضو الاتحاد موسى الحمد لـ”963+”، لم تكن البطولة مجرد فعالية اعتيادية، بل بطولة جمهورية شارك فيها نحو 500 لاعب من مختلف المحافظات، باستثناء السويداء لأسباب أمنية. وقد أُقيمت المنافسات بنظام فردي لضمان العدالة، وتم اختيار أصحاب المراكز الثلاثة الأولى لخوض تجارب جديدة بنظام الدوري الشامل، حيث واجه كل لاعب جميع منافسيه، مع منح فرصة ثانية لبعض المرشحين من لجان المحافظات.
اقرأ أيضاً: نادي الوحدة يعبر إلى نهائي دوري السلة بعد فوزه على نظيره الجلاء – 963+
بطولة ثانية… جمهور أوسع ومستوى فني لافت
بعد نجاح التجربة الأولى، نظّم الاتحاد بطولة وطنية ثانية للفئات تحت 14، 16، و18 سنة، بمشاركة أكثر من 700 لاعب ولاعبة، بينهم وفود بارزة من دمشق وحلب.
ووفق تصريح الحمد: “قدّمت الفئات العمرية مستويات أداء عالية رغم ضعف فرص التدريب في السابق، بسبب المحسوبيات والخلل التنظيمي في عهد الإدارة السابقة”.
كما يشير إلى “تطور ملحوظ في التحكيم، بفضل وجود طاولات تحكيم ومراقبين فنيين من مدربي المنتخبات، مع تفعيل آلية الاجتماعات الفورية لمناقشة أداء الحكام في حال تكرار الأخطاء، وهي خطوة نوعية لم تكن متاحة سابقاً”.
ديون ثقيلة وميزانية صفرية ولكن العمل مستمر
رغم النجاح الفني والتنظيمي، كشف عضو الاتحاد عن واقع مالي بالغ الصعوبة، موضحاً أن الاتحاد الحالي استلم مهامه في ظل ديون متراكمة وانعدام الدعم المالي ويقول: “بدأنا والميزانية صفر. علينا ديون للاتحاد العالمي تتجاوز 24 ألف دولار، وللاتحاد العربي ما بين 3 إلى 4 آلاف دولار. حتى البيانات الرسمية كانت ممسوحة من الأرشيف”.
ورغم ذلك، يعبّر الحمد عن تفاؤله: “نعمل ليل نهار بإرادة صادقة. نريد أن نثبت أن الكاراتيه السوري قادرة على النهوض من جديد، لا بالدعم المادي، بل بالإصرار والمهنية”.
اقرأ أيضاً: خمسة أندية سورية مرشحة للمشاركة الآسيوية وأهلي حلب خارج الحسابات – 963+
بطولة مميزة تعكس واقعاً جديداً
من جانبه، يشيد المدرب عدنان أبو حلقة، مدرب الكاراتيه في نادي النضال بدمشق، بالمستوى الفني والتنظيمي للبطولة، معتبراً إياها خطوة متقدمة تعكس واقعاً جديداً للكاراتيه السوري، مثمناً جهود الاتحاد في تنظيم بطولة جمعت أندية غابت لسنوات، وشهدت منافسات قوية وبروز أسماء واعدة.
ويؤكد أن نادي النضال شارك بجميع الفئات، وحقق تسع ميداليات (ذهبيتان، أربع فضيات، وثلاث برونزيات)، في منافسات الكاتا الفردي والجماعي، والقتال الفردي (كوميتيه)، مشيراً إلى النشاط المميز للنادي في تدريب ذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً.
وعن التحكيم، يثنى أبو حلقة على الشفافية التي بدأت تميز البطولات، مؤكداً اختفاء مظاهر الغش والانحياز، مع استمرار الحاجة لتأهيل بعض الحكام الجدد. وأوضح أن إسناد النهائيات لحكام مخضرمين خطوة إيجابية طال انتظارها. وفي ختام حديثه لـ”963+”، عبّر عن تفاؤله بمستقبل اللعبة قائلاً: “اليوم نرى تجهيزات تضاهي البطولات الأوروبية، وأجواء احترافية تبعث الأمل في نفوس اللاعبين، الذين باتوا يمتلكون فرصة حقيقية لرفع علم سوريا في المحافل الدولية”.