بعد أسابيع قليلة من استعادة سوريا لعضويتها في منظمة التعاون الإسلامي التي جُمدت قبل 13 عاماً، وافق مجلس المديرين التنفيذيين لـ “البنك الإسلامي للتنمية” على إعادة تفعيل عضوية سوريا في مجموعة البنك التي دخلت إليه في أيلول / سبتمبر من العام 1975.
وجاءت هذه الخطوة خلال اجتماع المجلس الذي عقد بناءً على طلب الإدارة السورية الانتقالية المقدم من وزير الخارجية أسعد الشيباني، والموجه لرئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، محمد الجاسر بتاريخ الـ 13 من شهر آذار / مارس الماضي.
ويرى خبراء مختصون أن تفعيل عضوية سوريا ضمن “البنك الإسلامي للتنمية” مجدداً يمكن أن تؤدي إلى إيجابية الربط مع الشبكة المصرفية الإسلامية والاستفادة من التدخلات المالية للبنك الإسلامي التي بلغت مئات ملايين الدولارات خلال السنوات الماضية إلى جانب إمكانية دعم جهود التعافي وإعادة الإعمار والمساهمة في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فيما تحدث آخرون أن كل ماسبق لافائدة له مع استمرار العقوبات المفروضة على دمشق.
اقرأ أيضاً: في سوريا… اقتصاد متقطع الأوصال جغرافياً – 963+
عقبة رئيسية
قال رامي القليوبي، الأستاذ في كلية الاستشراق بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، في العدد السابع من صحيفة “963+” إن إعادة تفعيل عضوية سوريا ضمن “البنك الإسلامي للتنمية” لن يؤثر كثيراً على آفاق التنمية وإعادة الإعمار وذلك لأن العقبة الرئيسية في الوقت الحالي تتمثل باستمرار مفعول العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة على السلطات السورية الجديدة التي على مايبدو مازالت واشنطن لاتعترف بها ومن مؤشرات ذلك خفض مستوى التأشيرات التي تمنح للعاملين في البعثة الدبلوماسية السورية الحالية.
ورجح القليوبي عدم قدرة الدول الداعمة للإدارة الانتقالية في سوريا كالسعودية وقطر وهما دولتان فاعلتان في منظمة التعاون الإسلامي من تقديم الدعم لها، كما أن الكثير من الدول ستتوخى الحذر بالتعامل مع دمشق خوفاً من العقوبات الثانوية الأميركية لذلك فإن الحل الجذري لتحقيق التنمية وإعادة إعمار سوريا يكون عن طريق رفع العقوبات الأميركية بشكل رئيسي.
وبلغ إجمالي تدخلات مجموعة البنك الإسلامي في سوريا بحسب الموقع الرسمي للبنك منذ عام 1975 وحتى نهاية كانون الأول/ ديسمبر من العام 2024 نحو 632 مليون دولار أميركي شملت تمويل مشاريع بقيمة 415.5 مليون دولار ودعم القطاع الخاص بما يناهز 68.5 مليون دولار، وتمويلات بلغت قيمتها 111.1 مليون دولار أميركي، إلى جانب عمليات تمويل التجارة بقيمة 37 مليون دولار أمريكي. كما بلغت قيمة عمليات التأمين التي قدمتها المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات 277.5 مليون دولار أميركي.
اقرأ أيضاً: البنك المركزي يحدد سعر صرف الدولار بـ12 ألف ليرة سورية – 963+
تحول إيجابي تدريجي
ومن شأن إعادة تفعيل عضوية سوريا في المجموعة البنكية بعد تجميد استمر لسنوات طويلة أن يفتح الطريق أمام البلاد للاستفادة مجدداً من برامج التمويل والمشاريع التنموية في قطاعات حيوية كالتعليم، والصحة، والبنية التحتية، بما يدعم تسريع وتيرة التعافي وإعادة الإعمار، وفقاً لما تحدث به الصحفي السوري مرشد النايف في العدد السابع من صحيفة “963+”.
ويضيف، “هذه العودة تُمثّل أيضاً فرصة لإعادة بناء علاقات تعاون مع مؤسسات مالية إسلامية وشركاء إقليميين، في ظل تحول إيجابي تدريجي في النظرة الدولية والإقليمية إلى دمشق كعاصمة ثقة، رغم استمرار التحديات السياسية والاقتصادية”.
ومنتصف شباط / فبراير الماضي، قال رئيس مجموعة “البنك الإسلامي للتنمية”، الدكتور محمد الجاسر، في مقابلة مع “العربية Business” على هامش مؤتمر العلا للأسواق الناشئة: “نعلم على المدى القصير أن هناك احتياجات إنسانية، وسوف نساهم بها سريعاً، وعلى المديين المتوسط والطويل توجد مشاريع، مثلًا قطاع الكهرباء في سوريا؛ وهذا أمر أصبح مقلقاً، ولدينا خبرة طويلة في عملية الربط الكهربائي بين السعودية ومصر، ويمكن أن يتم ربط كهربائي بين السعودية وسوريا.”
وتابع: “هناك مشاريع كثيرة نراجعها حالياً، ولكن ننتظر أن تحدد الحكومة السورية أولوياتها، حيث يُمكن للبنك أن يلعب دوراً فاعلاً في تقديم تدخلات نوعية، تواكب متطلبات المرحلة الراهنة وما فرضته من ضغوط”.
ويوضح النايف، أنه يُمكن “للبنك الإسلامي للتنمية” أن يلعب دوراً فاعلاً في تقديم تدخلات نوعية، تواكب متطلبات المرحلة الراهنة وما فرضته من ضغوط، خاصة بعد “النصر السوري الكبير”. ويُذكر أن البنك منح سوريا عام 2010 قرضاً بقيمة 75 مليون يورو لتوسيع شبكة مياه دمشق، في سياق سجل طويل من التدخلات المالية الكبيرة بين عامي 1975 و2024.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: الاقتصاد السوري خسر 800 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي – 963+
دورٌ حاسم
الباحث الاقتصادي طارق العلي أكد في العدد ذاته من الصحيفة، على وجود العديد من العوامل الإيجابية لعودة عضوية سوريا في “البنك الإسلامي للتنمية” بينها جذب المستثمرين الأجانب ودعم المشروعات المتعلقة بإعادة الإعمار مع إمكانية البدء بمرحلة جديدة من التكنولوجيا المصرفية الحديثة.
ولفت إلى “إمكانية استفادة الإدارة الانتقالية في سوريا من إعادة تفعيل العضوية عبر الخروج من حالة العزلة القائمة والمستمرة وبداية الانطلاق نحو الاستفادة من تجارب الدول الأعضاء في البنك والذين لديهم خبرات طويلة في النظام المصرفي والمالي المتطور. ناهيك عن عمليات الدعم والإيداعات البنكية الضخمة التي سيتم الاستفادة منها بشكل كبير إن حدثت”.
وحذر العلي من العقبات المتمثلة بالقيود التي قد تفرض على كل ماذكر سابقاً. قائلاً: “العقوبات الأميركية التي مازالت مستمرة من الممكن أن تلعب دوراً حاسماً في تقييد وتجميد كافة المزايا والايجابيات جراء إعادة تفعيل عضوية سوريا في البنك الإسلامي وهو ما سيظهر بشكل جلي خلال الفترة القريبة المقبلة”.
