في خطوة تحمل دلالات سياسية وأمنية كبيرة، بدأ اجتماع بين وفد اللجنة الحكومية السورية وممثلي قوات سوريا الديموقراطية (قسد) في قاعدة أميركية بمحافظة الحسكة، وذلك لبحث تنفيذ الاتفاق الموقع بين الطرفين. يأتي هذا الاجتماع بعد أن شكلت الرئاسة السورية لجنة خاصة مؤلفة من خمسة أعضاء، برئاسة المحافظ السابق لدير الزور، حسين السلامة، للإشراف على تنفيذ الاتفاق المبرم بين رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، وقائد “قسد” الجنرال مظلوم عبدي، في إطار مساعٍ لإعادة دمج المؤسسات العسكرية والمدنية في شمال وشرق سوريا ضمن هيكلية الدولة.
وفي الوقت الذي رأى البعض أن هذا الاتفاق فرصة لتحقيق الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام، اعتبره آخرون أنه قد يكون مجرد إعادة ترتيب للنفوذ تحت رعاية أطراف خارجية. ومع تباين ردود الفعل بين الترحيب الحذر والشكوك العميقة، يبقى نجاح الاتفاق مرهونًا بآليات تنفيذه ومدى التزام جميع الأطراف به.
اقرأ أيضاً: لجنة خماسية لاستكمال الاتفاق بين الإدارة السورية و“قسد” – 963+
تفاصيل الاتفاق
الاتفاق الذي تم توقيعه في العاشر من آذار/مارس في دمشق، تضمن ثمانية بنود أساسية، أبرزها: “دمج المؤسسات العسكرية والمدنية في شمال وشرق سوريا ضمن هيكلية الدولة السورية، بما يشمل المطارات وحقول النفط والغاز والمعابر الحدودية. وقف إطلاق النار وضمان عودة المهجرين إلى مناطقهم. ضمان حقوق المجتمع الكردي في المواطنة وإدراجها في الدستور. مشاركة جميع السوريين في العملية السياسية. دعم الإدارة السورية الجديدة في محاربة “فلول نظام الأسد”. تنفيذ الاتفاق في أجل لا يتجاوز نهاية العام الحالي”.
ردود الفعل
أعرب العديد من المراقبين والأهالي عبر منصات التواصل الاجتماعي التي قام موقع “963+” برصدها، عن تفاؤلهم بهذه الخطوة، معتبرين أنها قد تسهم في تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام التي شهدتها سوريا خلال السنوات الماضية.
وعبر البعض عن تفاؤلهم بإرساء الوحدة الوطنية، معتبرين أن “هذا الاتفاق قد يكون نقطة تحول في توحيد القوى المتصارعة داخل البلاد، مما يعزز فرص استقرار سوريا سياسياً وأمنياً”.
وفي سياق التفاؤل بالإصلاحات الإدارية والعسكرية المرتقبة، يرى مراقبون أن دمج “قسد” في هيكلية الدولة قد يسهم في إعادة هيكلة القوات المسلحة، وضمان توزيع عادل للسلطة والثروات.
ورغم الترحيب بهذه الخطوة، فإنها لم تخلُ من انتقادات حادة، حيث أثيرت عدة مخاوف، من أبرزها: “التدخل الأجنبي، حيث أثار عقد الاجتماع في قاعدة أميركية في ريف الحسكة استياء البعض، الذين رأوا في ذلك مؤشراً على تدخل الولايات المتحدة في الشؤون السورية، مما قد يؤثر على استقلالية القرار السوري”.
وأعرب محللون من خلال تعليقاتهم على منصات التواصل الاجتماعي، عن قلقهم من “احتمال أن يكون الاتفاق مجرد وسيلة لإعادة ترتيب النفوذ السياسي، دون تنفيذ إصلاحات حقيقية تخدم كافة السوريين”.
ويرى البعض أن نجاح الاتفاق مرهون بآليات تنفيذه، وأن الوقت وحده كفيل بإثبات جدية الأطراف المعنية. وشدد مراقبون على ضرورة توسيع نطاق الحوار ليشمل كافة القوى السورية، بما يضمن مشاركة جميع المكونات في مستقبل البلاد.
اقرأ أيضاً: قطر ترحب باتفاق دمج “قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية – 963+
وكان قد أكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية، أسعد الشيباني، خلال كلمته في مؤتمر بروكسل بشأن سوريا، أن الاتفاق لاقى ترحيباً كبيراً، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل على إنجاحه ومنع أي محاولات لتقويضه.
وبين التفاؤل والحذر، يبقى الاتفاق بين الحكومة السورية و”قسد” خطوة هامة على طريق المصالحة الوطنية، لكنه يواجه تحديات عديدة تتعلق بالتنفيذ والثقة بين الأطراف. ومع استمرار الاجتماعات والحوارات، تبقى الأنظار موجهة إلى مدى قدرة هذا الاتفاق على إحداث تحول حقيقي في المشهد السوري، وتحقيق استقرار دائم ينهي حالة التشرذم التي عانت منها البلاد لسنوات.