شهدت التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026 مفاجآت مدوية، كان أبرزها تأهل منتخبي الأردن وأوزبكستان إلى النهائيات للمرة الأولى في تاريخهما، في مشهد تاريخي يعيد تشكيل خارطة كرة القدم الآسيوية، ويكسر احتكار منتخبات تقليدية مثل اليابان، كوريا الجنوبية، إيران، والسعودية لبطاقات العبور إلى الحدث العالمي.
“النشامى” يصنعون المجد
في إنجاز غير مسبوق، خطف منتخب الأردن بطاقة التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026، المقرر إقامتها في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، بعد مشوار صعب ومثير في التصفيات.
وأنهى “النشامى” التصفيات في المركز الثاني ضمن المجموعة الثانية برصيد 16 نقطة، خلف كوريا الجنوبية المتصدرة بـ22 نقطة، ومتقدمًا على منتخبات قوية مثل العراق، عمان، فلسطين، والكويت. هذا التأهل التاريخي يُعد تتويجًا لمسار تصاعدي بدأه المنتخب منذ وصافته اللافتة في كأس آسيا 2023.
اقرأ أيضاً: منتخب سوريا يحقق انتصاراً صعباً على أفغانستان في تصفيات كأس آسيا – 963+
كسر احتكار النخبة
أعادت التصفيات رسم معادلة القوى في القارة الصفراء، إذ لم تعد بطاقات التأهل حكراً على “الأربعة الكبار”. دخول الأردن وأوزبكستان إلى قائمة المتأهلين كسر النمط السائد، وفتح الباب أمام طموحات جديدة.
الملحق الآسيوي شهد أيضاً مشاركة خمسة منتخبات عربية (الإمارات، قطر، السعودية، العراق، عمان) إلى جانب إندونيسيا، في مؤشر واضح على احتدام المنافسة وخروج نتائج غير تقليدية.
الأردن الحصان الأسود
أشاد المحلل الرياضي محمد فهد بالأداء الأردني، واصفاً المنتخب بـ”الحصان الأسود” الذي قلب الموازين، في وقت سجلت فيه المنتخبات الخليجية خيبات متتالية رغم الإمكانيات المالية الضخمة.
ويقول لـ”963+”: “رأينا إخفاقات بالجملة، خصوصًا من منتخبات مثل قطر، السعودية، والإمارات، رغم استعداداتها الكبيرة. المنتخب الأردني، بميزانية متواضعة، أثبت أن الروح والعزيمة تصنع الفارق”.
ويتحدث فهد عن بدايات الأردن قائلاً: “انطلقت التصفيات بتعادل مع الكويت، وفوز على فلسطين، ثم تعادل مع كوريا الجنوبية، ليجمع 4 نقاط فقط من 9. لكن الفريق أظهر نفسًا طويلاً، واستعاد توازنه بقوة”.
وينوّه إلى الدور الحاسم للجهاز الفني بقيادة المدرسة المغربية: “بعد إنجاز كأس آسيا، واصل المنتخب تحت إشراف المدرب جمال سلامي التألق، وبلغ المونديال لأول مرة”.
ويرى فهد أن سرّ النجاح يكمن في “الانضباط الفني، التكامل الإداري، والروح القتالية، وليس في الإنفاق المالي: الفرق شاسع بين ميزانية الأردن وتلك الخاصة بالسعودية أو قطر. لكن النشامى تميزوا بجهاز فني قوي ولاعبين ملتزمين”.
اقرأ أيضاً: سوريا تواجه أفغانستان اليوم في تصفيات كأس آسيا 2027 – 963+
أوزبكستان.. المفاجأة البيضاء في “مجموعة الحديد”
يسلط فهد الضوء على تأهل أوزبكستان، واصفاً إياها بـ”الحصان الأبيض”، ويقول: “رغم وجودها في مجموعة صعبة ضمت إيران، قطر، الإمارات، والهند، نجحت في التأهل بجدارة. تعادلت مرتين مع إيران، وقدمت مستوى فنياً راقياً”.
وما يُميز الأردن، وفق فهد، هو اعتماده شبه الكامل على لاعبي الدوري المحلي: “95% من لاعبي المنتخب ينشطون في الدوري الأردني، باستثناء التعمري (فرنسا) والنعيمات وعلوان (قطر). وهذا يعكس قوة الدوري وتنافسية الأندية الأردنية”.
وعن التوقعات في كأس العالم، يقول فهد: “التأهل هو إنجاز بحد ذاته. بلوغ الدور الثاني سيكون مفاجأة. حتى منتخبات مثل قطر لم تتجاوزه عندما لعبت على أرضها ما فعله الأردن يثبت أن الإرادة يمكن أن تعوّض ضعف الإمكانيات”.
الجيل الذهبي نتاج عمل طويل واستقرار
من جانبه، يقول الكابتن مجد إسماعيل، مساعد مدرب الفيصلي الأردني: “المنتخب الحالي يجمع بين المحترفين واللاعبين المحليين، ومعدل الأعمار المثالي (27 عاماً) يجعل منه فريقاً قابلاً للبناء والحصاد”.
ويشير في حديث لـ”963+” إلى أن “العمل الجاد بدأ منذ تعيين المصري الراحل محمود الجوهري والأسطورة جمال أبو عابد عام 2002، وظهور نتائج ملموسة بتأهل الأردن لأول مرة إلى كأس آسيا عام 2004، وبلوغ ربع النهائي، وصولاً إلى المركز 37 عالمياً في تصنيف الفيفا”.
ويتابع إسماعيل “بعد نهائي كأس آسيا 2023 بقيادة الحسين عموتة، جاء جمال سلامي ليكمل المشروع ويقود النشامى إلى المونديال. الاتحاد الأردني أظهر وعياً واحترافية بالحفاظ على الاستقرار الفني”.
ويؤكد على أن التأهل جاء نتيجة عاملين أساسيين: “التخطيط والتنظيم والاستقرار الفني. وامتلاك جيل مميز وظروف تنافسية مثالية على صعيد الأندية والملاعب”.
ويضيف: “الدوري الأردني أصبح بيئة حاضنة للمواهب، واحتل المركز 12 آسيوياً من أصل 47 دورياً، وهذا يعكس مستوى التطور الفني”.
ويختم إسماعيل بالإشادة بدور الإعلام والجماهير الأردنية: “الإعلام كان إيجابياً وداعماً، ولم يتحول إلى عنصر ضغط سلبي. أما الجماهير فقد قدّمت لوحة تشجيعية حضارية، ونالت إشادة الجميع”.
