بروكسل
تقدم “اليمين المتطرف” في الانتخابات الأوروبية في عدد من الدول اليوم الإثنين، ما يُنذر بتغييرات في إدارة ملفات الهجرة ومواجهة روسيا والمناخ.
وبحسب المعطيات الأولية، فقد حققت الأحزاب اليمينية القومية والمتطرفة مكاسب هامة، وانتكاسة مريرة لزعيمي القوتين الرئيسيتين في الاتحاد الأوروبي، المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قرر حل الجمعية الفرنسية ودعا لانتخابات تشريعية في 30 حزيران/يونيو الجاري.
ودُعي إلى الانتخابات 360 مليون ناخب جرت لاختيار 720 عضواً في البرلمان الأوروبي، منذ الخميس في مناخ مثقل بالوضع الاقتصادي القاتم والحرب في أوكرانيا، وفيما يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات استراتيجية من الصين والولايات المتحدة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب).
وفي فرنسا، تصدر حزب التجمع الوطني بقيادة جوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31,5% من الأصوات، أما في ألمانيا، فقد احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16,5% إلى 16% من الأصوات، خلف المحافظين (29,5 إلى 30%).
في حين تصدر حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتطرف الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، النتائج بنسبة 25 إلى 31% من الأصوات، وفقاً لوكالة “فرانس برس”.
أما في النمسا، فقد حصل “حزب الحرية” اليميني المتطرف على 27% من الأصوات، وعزز الهولنديون الذين كانوا أول من أدلوا بأصواتهم الخميس، موقف حزب خِيرت فيلدرز اليميني المتطرف، وفي إسبانيا، حصل الحزب الشعبي اليميني، التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على 22 مقعداًفي البرلمان الأوروبي مقابل 20 للاشتراكيين.
وذكر سيباستيان ميلار من معهد جاك ديلور لوكالة “فرانس برس” أن “أصوات اليمين المتطرف واليمين السيادي لا يمكن جمعها معاً، وهذا سيحد من وزنهما المباشر في المجلس التشريعي”.
واعتبر أن صعود اليمين المتطرف “الواضح خصوصاً في فرنسا، سيؤثّر حتما على المناخ السياسي الذي تعمل فيه المفوضية، وسيتعين على الغالبية أن تأخذ ذلك في الاعتبار”.
وبما أن أعضاء البرلمان الأوروبي يقومون بتبني التشريعات بالتنسيق مع الدول الأعضاء، يمكن لليمين المتطرف أن يجعل صوته مسموعاً في القضايا الحاسمة: الدفاع ضد روسيا التوسعية، والسياسة الزراعية، والهجرة، والهدف المناخي لعام 2040، ومواصلة التدابير البيئية التي يرفضونها بشدة، وفق “فرانس برس”.
وينذر صعود اليمين المتطرف بتغيير السياسة الأوربية تجاه اللاجئين، وقد كشفت الحملات الانتخابية لليمين المتطرف عن مستوى متقدم من خطاب عدائي وتحريضي ضد المهاجرين، خاصة الجاليات العربية والمسلمة.
وقد أصبحت هناك منابر إعلامية تلعب هذا الدور، ومنها بالخصوص قناة “سي نيوز” المملوكة لرجل الأعمال فانسان بولوريه، والتي حصلت عل المركز الأول بين القنوات الإخبارية الأكثر مشاهدة، خلال أيار/مايو الماضي، وهو مؤشراً على مدى شعبية الخطاب العنصري.
لذا فإن من غير المستبعد حصول عمليات ترحيل واسعة لمهاجرين من بلدان المغرب العربي وأفريقيا في مرحلة أولى، على طريق الاستحقاق الدستوري الأهم في 2027.
وبرز في حملة مرشحي اليمين المتطرف إلى انتخابات البرلمان الأوروبي أن القاسم المشترك هو التحريض السافر والعدائية المفرطة للأجانب من أصول غير أوروبية، لكن التركيز الأساسي تم على العرب والمسلمين.
ويعود السبب المباشر وراء ذلك، إلى سهولة صياغة خطاب دعائي ضد الإسلام، انطلاقاً من الصور النمطية المسبقة، التي تشكلت نتيجة لما عاشته بلدان العالم الإسلامي في العقود الأخيرة، وبروز ظاهرة “الإرهاب”، التي ولدت منها مسألة حرب الحضارات.