خاص – الحسكة
تُجمع الأطراف السورية كلها على وصف الاتفاق بين “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) والإدارة السياسية المؤقتة في دمشق بأنه “تاريخي”، ويرى فيه البعض نموذجاً يحتذى لصوغ عقد اجتماعي جديد بين المكونات السورية، للقيام بالدولة بعد أكثر من نصف قرن من الاستبداد.
في هذه المناسبة، التقت صحيفة “963+” إلهام أحمد، الرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” وكان الحوار الآتي:
ما سرّ توقيت عقد الاتفاق بين رئيس الإدارة السورية المؤقتة أحمد الشرع والجنرال مظلوم عبدي، قائد “قسد”؟
تم توقيع هذا الاتفاق بعد مفاوضات طويلة بيننا وبين الإدارة السورية المؤقتة، وبوساطة أميركية. وتاريخ توقيعه كان متفقاً عليه بشكل مسبق.
كيف تقيمون تأثير التغيرات في السياسة الأميركية مع عودة دونالد ترامب على مستقبل الدعم المقدم للإدارة الذاتية؟ وما استراتيجياتكم للتعامل مع احتمال انسحاب القوات الأميركية من شمال وشرق سوريا؟
لا تزال السياسة الأميركية تجاه سوريا غير واضحة، وهذا يشكل تحدياً مستمراً. ورغم عودة ترامب، ما زال النهج المتبع يعكس سياسات الإدارة السابقة. حتى الآن، تؤكد واشنطن التزامها محاربة داعش، ولم يُطرح موضوع احتمال الانسحاب الأميركي بشكل واضح، لكنّ المؤكد أن الأميركيين لن يبقوا هنا إلى الأبد. أعتقد أن التركيز يجب أن يكون على الحل السياسي الشامل في سوريا، بتشكيل حكومة منتخبة تمثل جميع الأطياف، وتعزيز الاستقرار بتحقيق العدالة الانتقالية وترسيخ الديموقراطية. وجود الولايات المتحدة يساهم في تحقيق التوازن ويحد من انتشار المجموعات المتطرفة. وفي حال قررت الانسحاب، ينبغي أن يكون مدروساً بعناية وتدريجياً لتجنب الفوضى. وأعتقد أن أي فراغ تتركه الولايات المتحدة قد يؤدي إلى فوضى جديدة، كما حدث في أفغانستان.
هل لديكم مخاوف من العلاقة الوطيدة بين ترامب وروسيا؟
لا يرتبط دعم الولايات المتحدة لـ”قسد” بأي تفاهمات مع روسيا. تقليص الدور الروسي في سوريا بعد سقوط الأسد أتاح المجال لقوى أخرى، مثل تركيا، لتوسيع نفوذها. كما شهدت سوريا تصاعداً في نشاط داعش ونفوذ مجموعات راديكالية تسعى إلى نشر فكرها وتنظيم صفوفها وفرض سيطرتها. هذه التطورات تزيد من تعقيد المشهد الداخلي وتشكل تهديدات خطيرة.
كيف تتعاملون مع الضغوط التركية؟
نؤمن بأن أي تقدم في مسار السلام داخل تركيا يؤثر إيجابياً في الملف السوري، وندرك أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً على تركيا لوقف هجماتها على مناطق شمال وشرق سوريا، ما يعني أنها تضغط على الطرفين. مع ذلك، لم تؤدِ هذه الجهود حتى الآن إلى تحقيق سلام مستدام، بل أسفرت عن حلول مؤقتة تعيد إنتاج الأزمات نفسها. في المرحلة الراهنة، هناك فرص يجب استغلالها، وهي تتيح لتركيا إمكانية لعب دور استراتيجي حقيقي في المستقبل، إذا أحسنت استغلالها بتصحيح علاقتها مع الشعب الكردي، ومعالجة القضية الكردية، وتعزيز الديموقراطية داخل تركيا. نحن لا ننظر إلى تركيا بعداء، لكن لدينا مخاوف مشروعة من سياساتها العدائية تجاهنا.
قد يأتي وقت لا تكون فيه هناك حاجة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. في رأيكم، هل ستشغلين أحد المناصب في الدولة المستقبلية، أم ستبتعدين عن العمل السياسي؟
سأقرر ذلك عندما يحين الوقت. لكن، عندما تصل سوريا إلى بر الأمان، ويتحقق الاستقرار، ويعود النازحون، سأعود لتكريس وقتي كله لقضيتي الأساسية… “حقوق المراة”. سأعمل جنباً إلى جنب مع النساء لتحقيق المساواة، ولضمان حصولهن على كافة حقوقهن.
ما موقف الإدارة الذاتية مما حصل في الساحل السوري؟
هذا ينافي جميع المعايير الإنسانية. ملاحقة فلول النظام البائد وتقديمهم للعدالة أمر ضروري، لكن استهداف المدنيين واستمرار التضييق عليهم وتحويل الصراع إلى حرب طائفية يشكل خطراً كبيراً. شهدنا تصاعداً في الخطاب الإعلامي المعادي، الذي يستهدف مكونات معينة كالعلويين والدروز والأكراد والمسيحيين، وتحولت بعض وسائل الإعلام إلى منصات تروج لهذه الدعاية التحريضية باستضافة شخصيات تحرض علانية على الكراهية. هذا النهج يجعلها شريكة في المسؤولية عن تأجيج العنف، ويضع سلطة دمشق أمام مسؤولية وقف هذه الحملات.