هل يمكن تصنيف إيران ضمن الدول التي يموت فيها الرؤساء بسبب سوء الأحوال الجوية؟ سؤال يطرحه محللون كثيرون حول العالم منذ أعلنت طهران، صباح اليوم الإثنين، مصرع رئيسها إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته أمير حسين عبد اللهيان ومرافقيهما في حادث تحطم مروحية في منطقة جبلية ضبابية “سيئة السمعة” في شمال غرب إيران، كما يصفها الإيرانيون أنفسهم.
ربما يكون تقديم الجواب عن هذا السؤال سابقاً لأوانه، فقد يكون هذا “الحادث” مجرد حادث. حسناً، فلننتقل إلى سؤال ثانٍ، يطرحه أيضاً محللون غربيون: “من هو المستفيد اليوم من رحيل رئيسي؟”.
الشارع الإيراني “لن يتأثر” بعد رئيسي.. لكن التحقيقات الأمنية المقبلة ستحدد مصير البلاد
اليوم التالي في طهران
يقول أراش عزيزي، الكاتب الإيراني في مجلة “ذا أتلانتيك” الأميركية والمحاضر في التاريخ السياسي في جامعة كليمسون، إن البحث عن جواب مقنع بالحد الأدنى لهذا السؤال قد لا يخبرنا عن السبب الحقيقي لسقوط طائرة رئيسي، “لكنه قد يسلط الضوء على اليوم التالي لمقتله في إيران”، على الرغم من أن عزيزي يعترف في مقالته بأن رئيسي لم يصل إلى سدة الرئاسة في إيران “إلا لأنه لا يمثل خصماً سياسياً قوياً للمرشد الإيراني علي خامنئي”، وقد تميز عهده منذ انتخابه في عام 2021 بالعجز السياسي حتى لقّبه بعضهم بـ “الرئيس الخفي”.
ويضيف عزيزي: “حين اندلعت انتفاضة الحجاب في عامي 2022 و2023، لم يكلف المحتجون أنفسهم عناء رفع الشعارات ضدّه”.
ويرى عزيزي أن التوازنات السياسية الداخلية بعد رحيل رئيسي لن تبقى “على ما هي عليه”، كما توحي السلطة السياسية الإيرانية منذ أول إعلان عن فقدان أثر مروحية الرئيس، مضيفاً: “حين سألت مسؤولاً إيرانياً مقرباً من قاليباف عما سيحصل في إيران بعد رئيسي، أجابني فوراً: قاليباف هو الرئيس المقبل”، في الانتخابات التي ينص الدستور على إجرائها في خلال 50 يوماً.
المعروف أن قاليباف لم يخف يوماً توقه إلى الرئاسة في إيران، فقد ترشح مرات عدة منذ عام 2005. وهو يعد من فئة التكنوقراط، ترأس بلدية طهران 12 عاماً (2005-2017)، ويتهمه أخصامه السياسيون بالفساد، فيما يقول الإصلاحيون إنه مستعد للتضحية بأي شيء وبكل شيء كي يصل إلى الرئاسة. إلى ذلك، بعض مناصري قاليباف يناصرون أيضاً مجتبى خامنئي، ابن المرشد الذي يريد أن يحل محل والده، حتى أن ثمة من يتحدث اليوم في إيران همساً عن اتفاق قاليباف-مجتبى خامنئي للوصول إلى السلطة، “حتى قبل أن يدفن الرئيس الراحل”، كما يقول عزيزي، مضيفاً أن الصراع السياسي الداخلي في إيران “سيكشف الكثير من الألغاز التي تواكب حادث المروحية الغامض”.
إسرائيل؟
المهم في هذه المسألة هو الآتي: هل يمكن أن يكون الصراع الداخلي على السلطة هو ما أودى بحياة رئيسي؟ الجواب الفعلي ينتظر التحقيق الإيراني.
إلا أن نيك غريفين، العضو السابق في البرلمان الأوروبي، يوجه سبابة الاتهام نحو الخارج، إلى إسرائيل، وذلك في تحليل نشره على صفحته في منصة “أكس”، قائلاً إن رئيسي – قبل ساعات من مقتله – افتتح نظيره الأذربيجاني سد قيز قلاسي للطاقة الكهرومائية على الحدود بين بلديهما، “وهذا مشروع ضخم يعتبر رمزاً لتعاون طويل الأمد ولصداقة عمقية بين البلدين على الرغم من الخلافات السياسية في السنوات الأخيرة”.
ويضيف: “تحسين العلاقات بين الدولتين الشيعيتين سيساعد في نزع فتيل التوتر بين أذربيجان وأرميني، وهو التوتر الذي تجني منه إسرائيل أرباحاً طائلة، ببيع الأذريين المسيرات وغيرها من الأسلحة لقتل الأرمن في ناغورنو كاراباخ، علماً أن إيران دعمت أرمينيا بقوة في صراعها مع أذربيجان، وإبقاء الصراع محتدماً يدر الأموال على الصناعة الحربية في إسرائيل”.
لوجسيتاً، يسأل المحلل الإسرائيلي ألون ميزراحي عن سر احتفاء مروحية رئيسي ساعات طويلة داخل إيران نفسها. يقول في منشور له على منصة “أكس”: “المحير فعلاُ أن مروحية الرئيس كانت واحدة من ثلاث مروحيات تحلق معاً. توقف الاتصال فجأة بمروحية الرئيس. لم يتوقف الطياران الآخران، ولم يحددا الموقع الدقيق لآخر اتصال بمروحية رئيسي، ولم يهبطا في أقرب مكان ممكن من نقطة الاختفاء”، مفسراً هذه الألغاز كلها بحصول “تشويش كامل باستخدام أجهزة الحرب الإلكترونية”. فهل يتهم إسرائيل بما جرى؟
ويذكر أن الإعلام الإسرائيلي نقل عن مسؤولين إسرائيليين نفيهم أي علاقة لتل أبيب في حادثة المروحية التي أودت بحياة رئيسي وعبد اللهيان وآخرين.