خاص – بيروت
تتصدر قضية اللاجئين السوريين المشهد السياسي العام في لبنان. لا حلّ في الأفق، على الرغم من الحراك الدائر حول هذا الملف، والذي أثمر هبة بمليار يورو إلى الحكومة اللبنانية من قبل المفوضية الأوروبية، أعلنت عنها رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين عقب زيارتها العاصمة اللبنانية بيروت الأسبوع الماضي.
وفي مقابلة مع موقع “963+”، أكد وزير الشؤون الاجتماعية السابق رشيد درباس، أن مسألة اللجوء السوري هي “الهمّ الحاضر الأكبر بالنسبة للبنان”، كاشفاً أن “عدد اللاجئين المسجلين في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين هو 909 آلاف سوري وليس كما يُصرّح عنه في الإعلام”، رافضاً الرقم 800 ألف الذي يُذكر دوماً عند الحديث عن اللاجئين السوريين. أما عن عدد من ليس مسجلاً منهم ويعيش على الأراضي اللبنانية، فهو “غير معروف” بحسب درباس، “ولا يستطيع أحد أن يعرفه”، طالما أن الحدود مشرّعة أمامهم، على حد تعبيره.
وغالباً ما تشير أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى أن حوالي 800 ألف لاجئ سوري مسجل لديها يعيشون في لبنان، فيما تفيد أرقام معظم الوزارات اللبنانية عن وجود حوالي 2.1 مليون سوري على الأراضي اللبنانية، ليبقى هذا الرقم الأخير عبارة عن تكهن تقريبي وغير علمي.
وكشف درباس أيضاً، أن من يأتون إلى لبنان حالياً لا يعيشون قرب حدوده مع سوريا، بل يأتون بعشرات الآلاف من أماكن بعيدة مثل مدينة القامشلي ومحافظة حلب ومحافظة دير الزور “بعدما شدّدت كل من الأردن وتركيا والعراق من ضبط حدودها مع سوريا”.
ولفت الوزير السابق إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية “هي المسؤولة الأولى عن ملف اللاجئين” في لبنان، رافضاً تسميتهم بالنازحين، وذلك “لأنه يجب أن يعودوا يوماً إلى بلادهم، وإلا سيؤدي وجودهم إلى عواقب وخيمة على أمن بلدنا”، جازماً بأن اللاجئين هم “قنبلة موقوتة” ستنفجر قريباً، على حد قوله.
كما أشار درباس إلى إمتلاك مفوضية اللاجئين بيانات كاملة عن اللاجئين السوريين، لافتاً إلى وجود خريطة تفصيلية في عهدة المفوضية تُبرز أماكن تواجدهم “وهي تغطي كافة الأراضي اللبنانية دون استثناء”.
وعن عمل وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، لفت درباس لموقع “963+” إلى أن “الخطة كانت بإقامة مخيمات على الجانب اللبناني من الحدود تمهيداً لعودة سكانها من اللاجئين عند انتهاء الحرب، إلا أن المفوضية أصرّت على عدم إقامة مخيمات محازية للحدود بحجة الخوف من أن يلحقهم ضرر من القذائف القادمة من سوريا، ما أدى، إلى انتشار اللاجئين في كامل الجسد اللبناني”.
أما عن الحلّ، فيرى درباس أنه “يقوم على أمرين لا ثالث لهما. الأول مرتبط باتخاذ موقف واضح من كل المسؤولين اللبنانيين والقيادات السياسية والحزبية والطائفية يؤكد على الخطر المستقبلي على لبنان جراء اللجوء. أما الثاني، فهو التواصل مع الدول العربية للحصول على المساعدة”، مؤكداً أن “دول مثل الكويت تدعم رعاية واستقبال اللاجئين في لبنان، فيما المستقبل يحمل خطراً من أن نصبح كالسوريين عبئاً على الدول العربية”.
وأكد درباس أن “السوريون في لبنان ثلاث أصناف. قسم شرعي يعمل تحت سقف قانون العمل اللبناني في مهن مرتبطة بالزراعة، البناء، ومجال النظافة. وقسم ثاني يعمل بشكل مخالف في مجال التجارة، وقسم ثالث ترعاه الأمم المتحدة وأجهزتها، وهؤلاء لا يمكننا أن نطالهم لأنهم مغطون من قبل هذه المنظمات”.
وينص قانون العمل اللبناني على منع الأجانب، من لاجئين وغيرهم، من ممارسة أعمالهم على الأراضي اللبنانية قبل أن يحصلوا على إذن بذلك، كما يمنعهم من مزاولة أعمال مرتبطة بالتجارة وقطاع القانون والطبابة والتمريض والهندسة.
وعبّر درباس عن قلقه وخوفه الشديد من عمل المنظمات الدولية كما من الوجود السوري، مؤكداً أن “مستقبل لبنان في خطر وهذا ما ستكشفه الأيام القادمة”.
أما عن الهبة الأوروبية بقيمة مليار يورو للحكومة اللبنانية، فلا يمانع درباس هذه الهبة، نافياً أن تكون رشوة لإبقاء اللاجئين في لبنان، مؤكداً أنه “طالما بقاء اللاجئين محسوم الآن، فما المانع من الحصول على بعض الأموال من الخارج؟”.
وتنشط جهات حزبية لبنانية في الوقت الحالي، في إثارة موجة من العداء ضدّ اللاجئين عبر إصدار بيانات تدعو إلى ترحيلهم من لبنان، فيما قال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في الثاني من أيار/مايو الجاري، إن “عدد النازحين السوريين بات يناهز ثلث عدد اللبنانيين، مع ما يترتب على ذلك من أعباء وتحديات تضاعف من أزمة لبنان الاقتصادية والمالية وتهالك بناه التحتية”.