باريس
تسببت الحرب المتواصلة منذ سبعة أشهر بين إسرائيل وحماس بمقتل أكثر من 34 ألف شخص، وبمستويات كارثية من الجوع والإصابات، لكنها أحدثت أيضاً دماراً مادياً هائلاً في غزة.
وقال كوري شير، من جامعة مدينة نيويورك الذي أجرى أبحاثاً في صور الأقمار الصناعية الملتقطة لغزة، إن معدل الأضرار التي تم تسجيلها “لا يشبه أي شيء قمنا بدراسته من قبل، فهو أسرع كثيراً وأوسع نطاقاً من أي أمر سبق أن مسحناه”.
في وقت دخلت دبابات إسرائيل إلى رفح، آخر بؤرة سكانية في غزة لم تدخلها بعد قواتها البريّة، تلقي وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس) نظرة على مشاهد الدمار في المنطقة.
تدمير 75 في المئة من مدينة غزة
تعد غزة من المناطق ذات الكثافة السكانية الأكبر في العالم حيث كان 2,3 مليون شخص يعيشون في القطاع البالغة مساحته 365 كيلومتراً مربّعاً قبل الحرب.
ووفق التحليلات عبر الأقمار الصناعية التي أجراها شير ويامون فان دين هويك، استاذ الجغرافيا المساعد في جامعة ولاية أوريغون، فإن 56,9 في المئة من مباني غزة تضررت أو دُمّرت حتى 21 نيسان/أبريل، لتصل إلى ما مجموعه 160 ألف مبنى.
وقال شير لـ “فرانس برس” إن “أسرع معدلات الدمار كانت في أول شهرين إلى ثلاثة أشهر من القصف”.
وفي مدينة غزة التي كانت تعد 600 ألف نسمة قبل الحرب، الوضع غاية في الخطورة، إذ تضرر أو دُمرّ 74,3 في المئة من مبانيها تقريباً.
تحول خمس مستشفيات إلى ركام
هاجمت إسرائيل مستشفيات غزة بشكل متكرر خلال الحرب، إذ تتّهم الدولة العبرية “حماس” باستخدامها لأغراض عسكرية، وهي تهمة تنفيها الحركة.
وخلال الأسابيع الستة الأولى من الحرب، أشير إلى “تضرر أو دمار نحو 60 في المئة من المنشآت الصحية”، بحسب شير.
وقد استُهدف مجمّع الشفاء الطبي، أكبر مستشفى في القطاع، بهجومين شنّهما الجيش الإسرائيلي، الأول في تشرين الثاني/نوفمبر والثاني في آذار/مارس الماضيين. وأفادت منظمة الصحة العالمية بأن العملية الثانية حوّلت المستشفى إلى “هيكل فارغ” تناثرت فيه الأشلاء البشرية.
ودُمّرت خمسة مستشفيات بالكامل، وفق أرقام جمعتها “فرانس برس” من مشروع “أوبن ستريت ماب” ووزارة الصحة التابعة لـ “حماس” ومركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة (UNOSAT). وما زال 28 في المئة من المستشفيات في غزة يعمل بشكل جزئي، بحسب الأمم المتحدة.
تضرر أكثر من 70 في المئة من المدارس
دفعت مدارس القطاع التي تدير الأمم المتحدة الجزء الأكبر منها وحيث لجأ العديد من المدنيين هرباً من القتال، ثمناً باهظاً أيضاً.
وأحصت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) 408 مدارس لحقت بها الأضرار، أي ما يعادل 72,5 في المئة من هذه المنشآت التعليمية التي تفيد بياناتها إلى أن عددها 563 منشأة.
ومن بين هذه المنشآت، دُمّرت 53 مدرسة بالكامل وتضررت 274 مدرسة أخرى جراء النيران المباشرة. كما تفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن ثلثي المدارس تحتاج إلى عمليات إعادة إعمار كاملة أو رئيسية لتعود إلى الخدمة.
وفي ما يتعلّق بأماكن العبادة، تظهر البيانات أن 61,5 في المئة من المساجد تضررت أو دُمّرت.
أشد دماراً من درسدن
تجاوز مستوى الدمار في شمال غزة ذاك الذي تعرّضت له مدينة درسدن الألمانية التي قصفتها قوات الحلفاء عام 1945 في عملية تعد من الأكثر إثارة للجدل خلال الحرب العالمية الثانية، وفقاً لما تقول “فرانس برس”.
وبحسب دراسة عسكرية أميركية تعود إلى عام 1954، أوردتها “فاينانشال تايمز”، فإن القصف في أواخر الحرب العالمية الثانية ألحق أضراراً بنحو 59 في المئة من مباني درسدن.
وفي أواخر نيسان/أبريل الماضي، قال مونغو بيرش، مدير برنامج إزالة الألغام في الأراضي الفلسطينية، إن كمية الركام الذي ينبغي إزالته في غزة يتجاوز الدمار الذي في أوكرانيا التي توغلت فيها روسيا قبل أكثر من عامين.
وقدّرت الأمم المتحدة بأنه حتى مطلع أيار/مايو، ستكلف إعادة إعمار اقطاع ما بين 30 و40 مليار دولار جراء الحرب في غزة التي اندلعت في 7 تشرين الأول/نوفمبر، إثر هجوم شنته حماس داخل إسرائيل.