تداولت مصادر محلية وإعلامية مؤخراً أنباء تفيد بوجود تحركات إسرائيلية تهدف إلى إنشاء جدار عازل داخل الأراضي السورية، وتحديداً في محيط محافظة القنيطرة، ضمن ما وُصف بـ”خطة أمنية جديدة” تشرف عليها ما يُعرف بـ”الفرقة الشرقية“. لكن هذه المزاعم وُجهت بنفي قاطع من أبناء المحافظة وفعالياتها الرسمية، الذين اعتبروا أن الحديث عن تعاون محلي مع المشروع لا يعدو كونه “تشويشاً إعلامياً يخدم أجندات مشبوهة”.
رواية التحركات الإسرائيلية
أشارت الأنباء المتداولة إلى أن الجيش الإسرائيلي أجرى عبر وسطاء اتصالات مع عناصر سابقة في مجموعات محلية كانت نشطة خلال سنوات النزاع، أبرزها “فرسان الجولان” و”تجمع الحرمون”، بغية إشراكهم في التنفيذ الميداني لمخطط الجدار، الذي لم يُعلن عنه رسميًا من أي جهة.
وفي أول رد فعل شعبي، أصدر أهالي بلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة بياناً، اطلع عليه موقع “963+”، نوهوا فيه إلى أنهم يستنكرون هذه الادعاءات الكاذبة جملةً وتفصيلاً، مؤكدين أن البلدة ستظل وفية لتاريخها الوطني، رافضةً أي شكل من أشكال التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، مهما كانت الذرائع أو الضغوط.
وفي تصريح خاص لـ”963+”، أكد محمد مازن مريود، مختار بلدة جباتا الخشب وأحد أعيانها، أن الحديث عن تنسيق أو تعاون مع الاحتلال هو محاولة مفضوحة لتشويه سمعتنا، مضيفًا: “نحن في هذه البلدة قدّمنا شهداء وتمسكنا بالأرض رغم الحصار والحروب، ولن نكون أداة لتنفيذ أجندات لا تشبهنا، ولا تشبه الجنوب السوري”.
وأردف مريود قائلاً: “نحذر من محاولات توريط بعض الشخصيات أو الأسماء المحلية في مشاريع لا تمتّ للواقع بصلة، وعلى الإعلام أن يتحلى بالمسؤولية في نقل هكذا معلومات”.
اقرأ أيضاً: الجيش الإسرائيلي يداهم بلدة بريف القنيطرة ويعتقل شخصين – 963+
النفي الرسمي السوري
من جهتها، أصدرت مديرية إعلام محافظة القنيطرة بياناً رسمياً نفت فيه وجود أي تحرك ميداني يدل على إقامة جدار عازل، مشيرة إلى أن المنطقة تخضع للمتابعة الدقيقة ولم تُسجّل أي عمليات بناء أو نشاط هندسي غير اعتيادي.
وأشارت المديرية إلى أن الرواية المتداولة هي محاولة لإرباك المشهد الأمني والاجتماعي في الجنوب، داعية وسائل الإعلام إلى تحري الدقة قبل المساهمة في نشر ما وصفتها بـ”الشائعات الخطيرة”.
وفي تصريح خاص لـ”963+”، أضاف محمد فهد، نقيب إعلاميي القنيطرة، أن ما يتم تداوله حول جدار إسرائيلي داخل الأراضي السورية هو جزء من حملة إعلامية تستهدف ضرب وحدة الموقف الوطني في الجنوب، وزرع الشك بين مكونات المجتمع.
وأشار فهد إلى أنه لا توجد أي معلومات موثوقة أو مشاهدات ميدانية تدعم صحة هذه المزاعم، منوهاً إلى أنه يجب التعامل مع الملف بحذر شديد، لأن التسرّع في نشر أخبار غير دقيقة قد يؤدي إلى زعزعة الثقة بين الأهالي والجهات المسؤولة.
وأردف فهد: “نهيب بجميع الزملاء في الإعلام المحلي والوطني أن يعتمدوا على المصادر الرسمية أو الميدانية الموثوقة، وألا ينجرّوا خلف حملات التضليل التي تستهدف الجنوب السوري”.
اقرأ أيضاً: الجيش الإسرائيلي يتوغل بريف القنيطرة ويوزّع مساعدات غذائية – 963+
التحركات الميدانية الإسرائيلية
وفي سياق الأحداث الميدانية التي تزامنت مع هذه الحملة الإعلامية، أفاد مصدر محلي لـ”963+” أن الجيش الإسرائيلي استقدم آليات هندسية ثقيلة وجرافات وبدأ في إنشاء ساتر ترابي على طول المنطقة المحاذية للحدود في القنيطرة.
وذكر المصدر أنه تم بدء العمل من قرية العدنانية والقحطانية، مروراً بدوار القنيطرة، وصولاً إلى بلدة الحميدية، مشيراً إلى أن المشروع يتم تنفيذه بشكل متسلسل مع تقدم ملحوظ في العمل على الأرض.
وأكد المصدر أنه يُرجح أن يمتد الساتر الترابي ليشمل مناطق إضافية، خاصة منطقة جباتا الخشب الواقعة شمالي القنيطرة، التي تعتبر واحدة من المناطق الاستراتيجية التي شهدت صراعاً شديداً في السنوات الماضية. وأشار إلى أن هذه المنطقة تتمتع بأهمية خاصة في أي تحرك عسكري قد يجري في المنطقة.
النشاط الهندسي الإسرائيلي في المنطقة يثير العديد من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذا التحرك، خاصة في ظل النفي الرسمي من السلطات المحلية في القنيطرة، التي لا تزال تشدد على أن لا وجود لأي مشروع رسمي إسرائيلي أو تعاون مع الاحتلال في المنطقة.
ويُعتقد أن هذه التحركات تهدف إلى تعزيز السيطرة الأمنية في المناطق الحدودية أو تمهيد الأرضية لمشاريع أخرى قد تكون ذات طابع أمني وعسكري.
اقرأ أيضاً: وسط تحليق للطيران.. توغل إسرائيلي جديد بريف القنيطرة جنوبي سوريا – 963+
من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل تأثير هذه التحركات على الأهالي في المنطقة، حيث يرى العديد منهم أن أي نشاط من هذا النوع يشكل تهديداً لسيادة الأراضي السورية ويزيد من التعقيدات الأمنية والاجتماعية.
الحذر والتوجس المحلي من أي تعاون مع الاحتلال الإسرائيلي يظل حاضراً بقوة، وسط رفض قاطع من العديد من العائلات والفعاليات الاجتماعية التي لا تزال تعتبر أن أي تحرك يشكل تهديدًا للوجود السوري في هذه المناطق.
وفي المقابل، تسعى بعض الأطراف الإسرائيلية إلى تصوير هذا النشاط على أنه جزء من تدابير دفاعية أو هندسية لحماية حدودها، وهو ما يعكس التوتر الكبير بين التصريحات الرسمية السورية وتكتيك الاحتلال في الجولان، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.