فاز الفيلم السوري “موعد غرام” بجائزة المركز الأول في مهرجان إسطنبول الدولي للأفلام القصيرة. وقد تم اختيار الفيلم للجائزة من بين 21 فيلماً قصيراً من مختلف أنحاء العالم. واللافت أن الفيلم هو في الأصل مشروع تخرج للطالبة بلقيس التلة من قسم الفنون المسرحية والسينمائية في الجامعة العربية الدولية.
وتقول مخرجة الفيلم لـ”963+”: “موعد غرام ليس مجرد مشروع تخرج، بل هو تجربة سينمائية أولى جاءت كثمرة لأربع سنوات من الدراسة الأكاديمية والعمل على العديد من المشروعات. كان هذا الفيلم بمثابة الاختبار الحقيقي لنا نحن فريق العمل؛ حيث أردنا إثبات قدرتنا على تحمُّل مسؤولية الوقوف خلف الكاميرا، ليس كمتطلب دراسي فحسب، بل كتعبير عن شغفنا العميق بالسينما”.
اقرأ أيضاً: وعد الخطيب تعود إلى مصياف بعد غياب قسري – 963+
وتضيف بلقيس: “طوال فترة التحضير، كان يلازمني إحساس قوي بالمسؤولية تجاه هذا الفن، باعتباره وسيلة قادرة على حمل أصواتنا وإيصالها إلى العالم. هذا الشغف والالتزام كانا المحرّك الأساسي في صناعة “موعد غرام”، فجاء الفيلم تعبيرًا صادقًا عن رؤيتنا السينمائية وحرصنا على تقديم تجربة تحمل هويتنا الفنية”.
وتوضح التلة أن المعدات المستخدمة كانت متوسطة المستوى، وأنها استخدمت كاميرتها الخاصة، مضيفة: “هذا المشروع لم يكن مجرد تجربة تقنية، بل كان ثمرة حماس وعمل جماعي من كل فرد في الفريق، سواء خلف الكاميرا أو أمامها. لقد تعاملنا مع المعدات المتاحة بروح إبداعية، مستفيدين من كل أداة بأقصى إمكانياتها، مما ساهم في تحقيق رؤية سينمائية تحمل بصمتنا الخاصة”.
وعن تأثير الدراسة الأكاديمية والجامعة التي تخرجت منها، تقول بلقيس: “الجامعة لم تكن مجرد فضاء أكاديمي للتعلُّم النظري، بل كانت بيئة محفزة صنعت الفارق في تجربتي السينمائية. إلى جانب المعرفة الأكاديمية، وفّرت لي فرصة للتجريب، لصقل أفكاري، وللتفاعل مع زملاء وأساتذة أثروا رؤيتي الفنية، ومن بين هؤلاء، لعب الأستاذ المخرج محمد ملص دوراً أساسياً في إعدادنا السينمائي؛ فقد كان مصدر إلهام ودافعًا لنا للتعمق أكثر في لغة الصورة وفهم السينما كوسيلة تعبيرية قوية”.
وكان الدعم الذي حصلت عليه، بلقيس هو ما منحها الثقة لصناعة فيلم يمكنه الوصول إلى جمهور عالمي. “الفوز بجائزة دولية يؤكد أن السينما الحقيقية ليست مرهونة بالإمكانات الضخمة فقط، بل تعتمد على الإبداع والشغف، وهي القيم التي زرعتها هذه التجربة الجامعية في داخلي”، تقول بلقيس.
وعن الفوز بالجائزة في فيلمها الأول، الذي كان مشروع تخرجها، تضيف التلة: “الفوز بجائزة دولية لم يكن متوقعًا بالتأكيد، لكنه منحني ثقة بأن الشغف بالسينما والإخلاص يمكنهما أن يصلا إلى أماكن لم أكن أتوقعها. كانت هذه الجائزة لحظة استثنائية، أشعرتني بأن كل الجهد الذي بذلته أنا وفريقي لم يكن عبثًا، بل كان خطوة أولى في مسار طويل نحو تحقيق أحلامنا السينمائية”.
وتوضح أن مشاعرها أثناء صناعة أول فيلم لها كانت مزيجاً من الحماس والتوتر والمسؤولية: “كل مشهد، وكل قرار بصري، وكل تفصيل صغير كان يعني لي الكثير؛ لأنه كان جزءاً من رؤيتي التي كنت أترجمها إلى صورة. بين لحظات القلق والتحديات التقنية، لم أخفِ أن لدي الكثير من الأسئلة والشكوك، وأنا أرى الفيلم يتشكّل أمامي. كذلك حين أرى فريقي يعمل بإصرار وشغف ليجعل هذه التجربة ممكنة”.
اقرأ أيضاً: ريم قبطان لـ”963+”: الفن هو مرآة الهوية الثقافية – 963+
وتضيف: “هذه الرحلة، رغم صعوبتها، جعلتني أؤمن أكثر بقوة السينما في التعبير، وفي ربطنا بجمهور قد لا يعرفنا، لكنه قادر على أن يشعر بما نحاول قوله من خلال الصورة”.
وبعد تجربتها في “موعد غرام”، أصبح لديها شغف أكبر لاستكشاف المزيد في عالم السينما. وعن مشاريعها المستقبلية، تقول المخرجة: “مثل أي صانع أفلام شاب، يظل طموحي أن أتمكن يوماً ما من صناعة فيلم طويل يحمل رؤيتي السينمائية بشكل أعمق وأكثر تفصيلًا. الفيلم القصير كان البداية، وهو مساحة غنية للتجريب والتعبير المركز، لكنه ليس الحدود التي أتوقف عندها، بل هو خطوة أولى نحو تحقيق مشاريع أكبر تتطلب سرداً أكثر امتداداً واستكشافاً أوسع للشخصيات والقصص”.
أما الدكتور عجاج سليم، رئيس قسم الفنون المسرحية والسينمائية، فيقول لـ”963+”: “نحن نعمل مع مدرسين معروفين بإنجازاتهم وإبداعهم وحتى أسلوب حياتهم. ونجمع بين الأسلوب الأكاديمي المنهجي في التعليم وبين إبداع المدرّب كخطين متوازيين ونضع خطة درسية يُشَاط فيها أكثر من مدرس، ونعتمد أكثر من مدرسة فنية. كما نطوّر جامعتنا من جميع النواحي؛ فنتابع التحديثات، ونحاول زيادة عدد طلابنا، لكننا نركّز على النوعية. فالدفعة التي تخرّجت فيها بلقيس تتكون من سبعة طلاب فقط”.