بيروت
ثبَّت الناشط الإسرائيلي إيال شاني على قميصه كاميرا صغيرة لتصوير العنف الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون ضد الرعاة الفلسطينيين في منطقة مسافر يطا، جنوب الخليل، في الضفة الغربية المحتلة.
ويقول إيال شاني (56 عاماً)، المناهض للاحتلال الإسرائيلي، لـ “فرانس برس”:”نحن الدرع الواقي الأخير بين الفلسطينيين ومعظمهم رعاة في هذه المنطقة الصحراوية، والمستوطنين الإسرائيليين الذين تتعدد وتتكرر هجماتهم العنيفة. فلو لم نكن هنا، لاستخدم المستوطنون كل قوتهم”. يضيف: “إنهم ينكرون إنسانية الفلسطينيين”.
نحن مسالمون
تنسب “فرانس برس” إلى الفلسطيني شحادة سلامة مخامرة قوله إن شاني يزور مجتمعات مسافر يطا عدة مرات في الأسبوع. ومسافر يطا مجموعة من 19 قرية فلسطينية في محافظة الخليل، على بعد ما بين 14 و24 كلم جنوب مدينة الخليل، داخل حدود بلدية يطا، تكثر فيها التلال والصخور حيث يرعى الرعاة أغنامهم.
يعيش سلامة مخامرة (60 عاماً) مع زوجته وعشرة أطفال وزوجتي إبنيه ووالدته في قرية محفورة في الصخور. وعلى الرغم من أن منزلهم الكهفي يحميهم من الحرارة، إلا أنه لم يعد يحميهم من المستوطنين. يقول: “في كانون الثاني/يناير الماضي، هاجمت مجموعة من المستوطنين، ومعظمهم من الشباب، والدتي المسنة (75 عاماً) في منتصف الليل”.
يضيف: “لقد أوقظوها من نومها وضربوها. ومنذ ذلك الحين، اعيش أنا وعائلتي في خوف دائم. لا نفهم سبب تعرضنا للهجوم في هذه الأرض الصحراوية النائية… فنحن مسالمون، ولا شأن لنا بالسياسة”.
إنهم أقوى منا
يؤكد إيهود كرينيس (57 عاماً)، وهو ناشط آخر ضد الاستيطان، أن عدد الناشطين الإسرائيليين المتواجدين هنا “لم يعد كافياً لمواجهة المستوطنين الأقوى كثيراً لانهم يتمتعون بدعم من بعض الوزراء في الحكومة” الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، كما يصفها، غامزاً من قناتي وزيري اليمين المتطرف، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموطريش. يضيف كرينيس أن هذه الحكومة “متطرفة تدعم المستوطنين الذين يتمتعون بالحرية في فعل ما يريدون، من دون أن يتحملوا العواقب”.
وبحسب “فرانس برس”، سجل مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) 1096 هجوماً ارتكبها مستوطنون بين 7 تشرين الأول/اكتوبر و31 آذار/مارس الماضيين، أي ستة حوادث هجومية يومياً في المتوسط، مقارنة بثلاثة حوادث قبل اندلاع الحرب في غزة، وهجوماً واحداً يومياً في عام 2022.
منذ أكتوبر، قُتل 491 فلسطينياً في الضفة الغربية بيد الجيش أو المستوطنين، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، فيما قتل 19 إسرائيلياً في أعمال عنف في الضفة الغربية وفي إسرائيل منذ ذلك الحين.
أشعر بالوحدة
تقول الممرضة المتقاعدة إيرين بلير لوينهوف (73 عاماً)، وهي تحضر بعض الطعام لعائلة مخامرة، إنها تشعر “بالوحدة الشديدة” في المجتمع الإسرائيلي منذ الحرب، وهي التي تقوم بحملة ضد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية منذ أكثر من 50 عاماً. تضيف: “نحن مثل قطرة ماء في محيط كبير مثل المحيط الهادئ”.
وكانت أعلنت إسرائيل التي تحتل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة منذ عام 1967 قد أعلنت مسافر يطا منطقة عسكرية. وبعد معركة قانونية طويلة، قضت المحكمة العليا لصالح الجيش الإسرائيلي في أيار /مايو 2022، ما مهد الطريق لطرد سكان هذه القرى. لكن سكان قرى مسافر يطا الثماني يؤكدون أن أسلافهم عاشوا فيها منذ بدايات القرن التاسع عشر.
ويؤكد كرينيس أن الجيش يسمح للمستوطنين بالاستيطان بشكل غير قانوني في تلال مسافر يطا، وهي “طريقة غير مباشرة” لطرد الفلسطينيين. ويحتج الفلسطينيون والناشطون الإسرائيليون على حد سواء ضد “الإفلات من العقاب” الذي يستفيد منه المستوطنون.