بيروت
لبنان من أكثر الدول التي تطالب بحل لمشكلة اللاجئين السوريين في أراضيه، خصوصاً بعدما صار اللجوء السوري خاضعاً لمزاجية سياسية واجتماعية لبنانية، ترحب به حين يكون في مصلحتها، وتحاربه بقسوة حين لا يلائمها.
من هذا المنطلق، ولسحب فتيل أزمة قد تزداد عنفاً، تسعى حكومة تصريف الأعمال اللبنانية في النسخة الثامنة من بروكسل، الذي ينعقد في العاصمة البلجيكية في 30 نيسان/أبريل الجاري، إلى إقناع المانحين الدوليين بالتعاون لتنفيذ خطة تعيد اللاجئين السوريين إلى مواقع آمنة، ضمن المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، علماً أن مؤتمرات بروكسل السبعة السابقة لم تتطرّق إلى مسألة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، بل توقفت عند اتخاذ رصد المبالغ المالية لتقديم المساعدات للاجئين السوريين والمجتمعات التي تستضيفهم لإبقائهم فيها، وعدم هجرتهم إلى الدول الأوروبية.
في هذا الإطار، نسبت صحيفة “الديار” اللبنانية إلى عصام شرف الدين، وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال، قوله إن وزارته رسمت آليةً لمعالجة ملف اللاجئين، تحدثاً عن ورقة تفاهم مع الحكومة السورية لم تحصل من قبل بسبب غياب القرار السياسي لإيجاد حلّ لهذا الملف.
مفارقة جديدة
ويلفت شرف الدين إلى مفارقة جديدة تمثلت في إيضاح نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أنه مقتنع تماماً بوجود مناطق آمنة في سوريا تستوعب عدداً كبيراً جداً من اللاجئين، وأنه ينوي مطالبة المشاركين في مؤتمر بروكسل بتقديم حوافز للاجئ السوري العائد إلى بلاده، “كأن تُدفع المساعدات المادية والعينية والاستشفائية في سوريا، وليس في لبنان، وهو يأمل في تغيير الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مواقفهما في هذا الإطار، وبذلك نكون قد تجاوزنا المرحلة الأصعب”.
وفي حديثه لصحيفة “الديار”، يتحدث شرف الدين عن شقين لمعالجة ملف النزوح السوري في لبنان: “الشق الاول، إلزامية عودة كل اللاجئين، ولا سيما اللاجئين الاقتصاديين، ومن لا تتضّمن عودته أي خطر سياسي عليهم، وهؤلاء يشكلون النسبة الأكبر من اللاجئين، والشق الثاني هو الشق الداخلي، فهناك مهمات عديدة ستوزع على الوزراء المعنيين، ومنهم وزارة الدفاع التي ستنافش مع وزارة الدفاع في الحكومة السورية تسهيل عملية الخدمة الإلزامية، كذلك ستناقش وزارتا الداخلية والعدل مع نظيرتيهما في الحكومة السورية مسائل المسجونين ومكتومي القيد، إضافة إلى مواضيع ستبحث لوجستياً، كي نبدأ بتفكيك المخيمات التي تضم 600 ألف لاجئ”.
شطب عائلات
في السياق نفسه، تنسب صحيفة “النهار” اللبنانية إلى هكتور حجار، وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، قوله: “يجب التمسك بشروط لبنان في مسألة النزوح السوري، واتخاذ موقف تاريخي قبل انعقاد مؤتمر بروكسيل، والتمسك بالورقة التي قدمت للجنة اللاجئين وفيها المسلّمات التي يعين على لبنان اعتمادها والتشديد عليها بدءاً من تصنيف اللاجئين وصولاً إلى الهجرة عبر البحر مروراً بضرورة مساعدة لبنان لوقف النزوح عبر البر”.
يضيف: “الفرصة اليوم مؤاتية مع اعتماد المجتمع الدولي سياسة خفض المساعدات المخصصة لمعالجة أزمات هذا النزوح وتداعياته على المجتمع اللبناني المضيف”. ففي كانون الأو/ديسمبر الماضي، سحبت مفوضية الاجئين 88600 أسرة سورية من قائمة المستفيدين من برامج المساعدات النقدية الشهرية، توازياً مع خفض التمويل المخصص لبرنامج الاستجابة للأسر الأكثر فقراً، والذي تديره وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، من 147 مليون دولار إلى 33.3 مليون دولار.
وبحسب حجار، سيشهد أيار/مايو المقبل شطب 35 ألف أسرة سورية إضافية من برامج القسائم الغذائية.
فرصة سنوية
تحول مؤتمر بروكسل، الذي يحضره نحو 800 مشارك، إلى فرصة سنوية لتعميق الحوار مع المجتمع المدني السوري (من سوريا والدول المجاورة والشتات)، والجهات المعنية الرئيسية في الأمم المتحدة ووكالاتها، والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وممثلين لدول طرف ثالث، وكذلك المنظمات غير الحكومية الدولية. ويجدد المؤتمر في نسخته الثامنة في هذا العام دعم المجتمع الدولي للشعب السوري ولجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254.
يذكر أن في النسخة السابعة من المؤتمر التي عقدت في حزيران/يونيو 2023، تعهد المجتمع الدولي بنحو 5.6 مليارات يورو لعام 2023 وما بعده، منها أكثر من 3.8 مليارات يورو تعهد بها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، لمساعدة الأشخاص المحتاجين داخل سوريا وفي بلدان الجوار السوري التي تستضيف اللاجئين السوريين.
وكان الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أكبر الجهات المانحة التي تدعم الناس في سوريا والمنطقة منذ بداية الأزمة في عام 2011، حيث رصدوا أكثر من 30 مليار يورو بشكل إجمالي.