خاص ـ القنيطرة
بعد حوالي ست سنوات من الاتفاقات الدولية التي جرت حول الجنوب السوري، ووضع نقاط مراقبة روسية في تلك المناطق الحدودية مع إسرائيل، عادت روسيا لإنشاء نقاط جديدة، ضمن سلسلة تحركات بدأتها موسكو عقب التصعيد الأخير في المنطقة والهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
وفي عام 2018، تم التوصّل إلى اتفاق حول جنوب سوريا يتعلق بإسرائيل وإيران وروسيا. هذا الاتفاق تضمن إبعاد الفصائل الموالية لإيران عن حدود الجولان بعمق 85 كيلومتراً. كما جاء الاتفاق بعد موافقة الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الإقليمية الأخرى على وقف تسليح المعارضة السورية، وقبول روسيا ضامناً لتنفيذ الاتفاقيات.
وفي حينها، أنشأت روسيا 6 نقاط مراقبة، عند حدود المنطقة منزوعة السلاح في الجولان السوري القريب من الحدود الإسرائيلية.
10 نقاط روسية جديدة على الحدود السورية – الإسرائيلية
وقال الكاتب والمحلل السياسي الروسي، أندريه أونتيكوف، في تصريحات لموقع “963+”: “تلك النقاط أُنشئت كأحد الشروط لكي تقبل روسيا أن تكون الضامنة للأمن في تلك المنطقة”، مُضيفاً أن مهمتها الإشراف “شرط وجود تهدئة وعدم وجود اشتباكات ليس فقط بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة، بل كذلك أن لا تكون هناك استفزازات من جانب إسرائيل”.
ومع التصعيد الأخير في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة نشاط بعض الجماعات المسلحة المعادية لإسرائيل في الجنوب السوري، تدخلت روسيا عبر إنشاء 10 نقاط مراقبة جديدة توزعت على طول الخط الفاصل بين الأراضي السورية وهضبة الجولان، بحسب ما وثق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.
وبالإضافة لإنشاء نقاط عسكرية، بدأت القوات الروسية بتسيير دوريات عسكرية على طول الخط الفاصل بين الأراضي السورية ومرتفعات الجولان التابعة للسيادة الإسرائيلية حسب شهود عيان.
وفي هذا السياق، قال أونتيكوف، إن النقاط الروسية الجديدة جاءت بعد زيادة النشاطات الإسرائيلية وهجومها على قطاع غزة وتكثيف ضرباتها على سوريا، فيما هدفها “تأمين الأوضاع والمراقبة في تلك المنطقة، وبالتالي عدم السماح بوجود بؤرة توتر جديدة في الجنوب السوري”.
الفصائل الموالية لإيران غير مرحبة بالنقاط الروسية
ويوافق وجدان عبدالرحمن، الكاتب والباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أونتيكوف، حول أهداف روسيا من نصب نقاط مراقبة جديدة في الجنوب السوري ولكنه يضيف في حديث خاص لموقع “963+” أن موسكو تهدف أيضاً إلى “إبعاد إيران أكثر والحؤول دون انجرارها إلى حرب مع إسرائيل في الوقت الراهن، وبخاصة في ظل الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا”.
ويشير عبدالرحمن، إلى أن “روسيا بحاجة الآن للمسيّرات والصواريخ الإيرانية بسبب أسعارها الزهيدة، وفي حال دخلت إيران عبر سوريا في حرب مع إسرائيل فستستهلك السلاح المتواجد لديها وبالتالي سيشكل ذلك ضغطاً وخسارة لموسكو”.
ورغم المساعي الروسية، إلا أن إيران والفصائل الموالية لها في سوريا “غير مرحِبة بتلك النقاط الحدودية، لأنها تسعى للاقتراب أكثر من الحدود الإسرائيلية في ظل الوضع القائم والتوترات مع تل أبيب”، بحسب الباحث المتخصص في الشأن الإيراني.
وتزايدت التوترات في منطقة الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل، إذ أطلقت طهران أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيّرة، رداً على استهداف قنصليتها في دمشق أوائل الشهر الجاري، ما أثار تخوفاً من جرّ المنطقة إلى حرب كبيرة، فيما حذرت معظم الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة من تداعيات الاشتباكات الإقليمية، داعية طرفي الصراع إلى ضرورة ضبط النفس.
ومنذ بداية الحرب بين حركة “حماس” والجيش الإسرائيلي في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، شهدت منطقة الحدود السورية – الإسرائيلية قصفاً مدفعياً إسرائيلياً طاول مواقع في جنوب سوريا، وذلك رداً على إطلاق قذائف صاروخية باتجاه الجولان، إضافة إلى اعتراض مسيّرات تسللت من الأراضي السورية.
واستهدف “حزب الله” اللبناني و”المقاومة الإسلامية في العراق” المدعومة من “الحرس الثوري الإيراني”، والمتمركزة في الجنوب السوري، الجانب الإسرائيلي بعدة رشقات صاروخية وطائرات انتحارية.
وبحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فإن إسرائيل استهدفت 22 مرة منذ بداية العام الجاري، الأراضي السورية، 14 منها جوية و8 برية، كاشفة أن تلك الضربات أسفرت عن إصابة وتدمير نحو 43 هدفاً ما بين مستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات.
وأشار “المرصد” كذلك إلى أن تلك الضربات تسبّبت بمقتل 41 من العسكريين بالإضافة إلى إصابة 21 آخرين بجراح متفاوتة.