يعاني القطاع الصحي في محافظة درعا جنوبي سوريا من مشكلات متراكمة، أبرزها نقص الكوادر والتجهيزات، وضعف البنية التحتية، في ظل تفاقم أزمة الوقود والكهرباء، ما ينعكس سلباً على الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين. وفي المقابل، تُبذل جهود محلية ودولية لتخفيف وطأة الأزمة عبر دعم منظمات دولية، ووعود حكومية بتطوير الواقع الصحي.
اقرأ أيضاً: وزير الصحة السوري من درعا: لا نية لتسريح العاملين بالقطاع الصحي – 963+
لا أطباء أو فنيين
قال الدكتور عقلة الحنفي، مدير مشفى نوى الوطني بريف درعا، في العدد التاسع من صحيفة “963+”، إن الواقع الصحي في محافظة درعا بما فيها المشفى الوطني بمدينة نوى لا يزال دون المستوى المطلوب، مرجعاً ذلك إلى النقص الحاد في الكوادر الطبية، حيث “لا يوجد لدينا طبيب تخدير، كما نفتقر لعدد كافٍ من فنيي التخدير والأشعة والمخبر مع غياب مستلزمات التخدير، ونقص حاد في المحروقات، كون المشفى يعتمد كلياً على المولدات التي تعمل بالديزل.”
وأشار الحنفي إلى أن “العديد من الأجهزة الطبية معطلة كلياً أو جزئياً وتحتاج إلى صيانة عاجلة.” ونوه إلى أن من أبرز التحديات اليومية عدم وجود طبيب مقيم في قسم الإسعاف قادر على تقييم الحالات بشكل فوري، إضافة إلى تعذر تفعيل أقسام مهمة مثل العناية المشددة، والأطفال، والحواضن، بسبب نقص الاختصاصيين.
وحول شكاوى بعض المواطنين من فرض أجور على تصوير الطبقي المحوري، أوضح الحنفي أن “الإدارة السابقة فرضت رسوماً رمزية لتغطية نفقات إصلاح الجهاز عند تعطله، نظراً لغياب الدعم في ذلك الوقت من مديرية الصحة، علماً أن هذه المبالغ تُحوّل لجهة أخرى تكفلت بصيانة الجهاز ونقله من القبو، حيث كانت الرطوبة سبباً رئيسياً في أعطاله المتكررة.”
وقد أثارت هذه الرسوم استياء المواطنين، حيث قالت هناء الفلماني، وهي مواطنة من ريف درعا الغربي في العدد ذاته من الصحيفة: “ذهبت إلى مشفى نوى لإجراء صورة طبقي محوري، وفوجئت بأن التصوير مأجور وتكلفته 350 ألف ليرة سورية، ولم أتمكن من دفع المبلغ، رغم أن الجهاز في مشفى حكومي.”
وأضاف الحنفي أن المشفى تلقى دعماً طبياً من منظمات مثل “أطباء بلا حدود – إسبانيا”، ومنظمة الصحة العالمية، والصليب الأحمر، والهلال الأحمر، ومنظمة الأطباء المستقلين. لكنه أردف قائلاً: “رغم نوعية وكميات الدعم المقبولة، إلا أن الكثير من المواد الضرورية لعمل المشفى لم تكن مشمولة بهذه المساعدات.”
اقرأ أيضاً: الصحة العالمية: أكثر من نصف مستشفيات سوريا معطلة – 963+
مكافحة الفساد
في تقرير سابق لموقع “درعا24” أكد فيه أن أزمة القطاع الصحي في محافظة درعا تضاعفت بعد سيطرة النظام المخلوع على المنطقة في تموز/ يوليو 2018، حيث خرج أكثر من خمسين مشفى ونقطة طبية عن الخدمة، سواء بالقصف أو بإغلاقها لاحقاً من قِبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام.
وفيما يتعلق بزيارة الوفد السوري – الألماني إلى محافظة درعا، قال الدكتور محمد الحريري، في العدد التاسع من صحيفة “963+” إن الوفد الذي ضم عشرات الأطباء كان له أثر كبير في تقديم الخدمات الصحية المختلفة وإجراء العمليات الجراحية والمعاينات خاصة في ظل النقص الحاد والكبير في الكوادر الطبية والمعدات والتجهيزات.
بدوره، أكد الدكتور زياد محاميد، مدير صحة درعا، على أن “الخدمات الطبية لا تزال دون المستوى المأمول، لكننا نعمل على مكافحة الفساد الإداري، وإعادة ترتيب البيت الداخلي، وقد أنجزنا الكثير في هذا الإطار، حيث أن العمل جارٍ على التعاقد مع فريق لبنك الدم، وترميم كادر منظومة الإسعاف، مع وعود من الوزير بإعادة الكوادر المفصولة.”
ونوه محاميد في تصريحات للعدد ذاته من الصحيفة، إلى عجز واضح في المستهلكات والتجهيزات، يتم التنسيق بشأنه مع الوزارة والمنظمات والمجتمع المحلي. وحول ملف الطاقة، أضاف: “الحل الأمثل هو تأمين خطوط تغذية مستقرة، أما المولدات والطاقة الشمسية فهي حلول مكلفة ومؤقتة.”
وماتزال المنظمات الطبية في مرحلة التقييم بانتظار الحصول على التراخيص من وزارة الصحة بحسب محاميد، مستثنياً منظمة “أطباء بلا حدود – إسبانيا” التي تعمل بترخيص جزئي في مشفى نوى. كما أشار إلى أن منظمة “سامز” أرسلت طلبيتين لمشفى درعا، وتعمل جمعية “لمسة شفاء” في منطقة طفس ومراكز طبية أخرى عبر عيادات متنقلة، في حين تواصل مراكز الهلال الأحمر وجمعية البر والإحسان التعاون مع منظمات كمنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي.
وكشف نقيب الأطباء السابق كمال عامر، في شباط/ فبراير من العام 2021، أنه لم يبق في مناطق سيطرة النظام المخلوع سوى 20 ألف طبيب من أصل 70 ألفاً، ووفقاً لتقرير صادر عن اللجنة الدولية للإنقاذ عام 2021 فقد غادر حوالي 70% من العاملين في القطاع الصحي البلاد، وباتت النسبة حسب التقرير طبيب واحد لكل عشرة آلاف سوري.
نشرت هذه المادة في العدد التاسع من صحيفة “963+” الأسبوعية والصادرة يوم الجمعة 2 أيار /مايو 2025.
لتحميل كامل العدد التاسع من الصحيفة النقر هنا: الصحيفة – 963+