في مشهد يعكس عودة الحياة إلى الملاعب بعد سنوات من الغياب والتوتر، أعلن الاتحاد السوري لكرة القدم عن استئناف الدوري السوري الممتاز في الحادي والعشرين من الشهر القادم، وذلك عقب توقف اضطراري دام لأشهر نتيجة الأوضاع الأمنية التي رافقت سقوط نظام الأسد. وكان الدوري قد توقف بعد إقامة خمس مراحل فقط من مرحلة الذهاب، ما خلّف آثارًا واضحة على استعدادات الأندية وجاهزية اللاعبين.
وفي ختام الجولات الخمس التي سبقت توقف البطولة، تصدّر نادي الكرامة جدول الترتيب برصيد 13 نقطة، متفوقاً على جاره الوثبة صاحب المركز الثاني برصيد 8 نقاط، بينما حلّ فريق حطين ثالثاً برصيد 6 نقاط، في سباق لا يزال مفتوحًا على جميع الاحتمالات، خاصة مع اعتماد نظام جديد لاستكمال منافسات الموسم 2024-2025.
اقرأ أيضاً: قسورة جغيلي يتألق في بطولة العالم للشباب لرفع الأثقال – 963+
نظام جديد يغيّر شكل المنافسة
خلال اجتماع موسّع جمع مندوبي الأندية بمقر الاتحاد السوري لكرة القدم في دمشق، جرى التوافق على آلية جديدة لاستكمال الدوري، تراعي التحديات الأمنية واللوجستية، وتضمن الحد الأدنى من العدالة التنافسية. وبموجب النظام المعتمد، تُستكمل مباريات مرحلة الذهاب على ملاعب محايدة، باستثناء اللقاءات التي تجمع أندية من نفس المدينة.
وبعد نهاية الذهاب، ستخوض الفرق الأربعة المتصدرة جدول الترتيب “بطولة مصغّرة” تُقام في دمشق، بنظام الدوري من مرحلة واحدة لتحديد بطل الدوري، حيث يُمنح كل فريق نقاط تمايز وفق مركزه في مرحلة الذهاب، ما يُشكّل حافزًا إضافيًا للفرق لبذل أقصى جهودها في المباريات القادمة.
تحوّل جذري في شكل الدوري
هذا النظام الجديد يُعد خروجاً عن تقليد الدوري السوري المعتاد الذي كان يُلعب بنظام الذهاب والإياب، ويتوج بطله بناء على أعلى مجموع نقاط. ويُنتظر أن يصدر الاتحاد خلال الأيام المقبلة جدول المباريات المُحدّث، في حين لم يُحدد بعد الموعد الرسمي لاختتام الموسم، في ظل واقع متغير وصعوبات لوجستية قائمة.
وعلى صعيد الفئات العمرية، قرر الاتحاد الاستمرار في تنظيم دوري الشباب وباقي الفئات الأخرى بنظام التجمعات في المحافظات، في حين تم إلغاء الدوري الأولمبي بشكل نهائي، وذلك في إطار سعي الاتحاد لتقليص التكاليف المالية والاستجابة للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، مع الإبقاء على النشاط الكروي في جميع الشرائح.
وفي تصريحات خاصة في العدد التاسع من صحيفة “963+”، عبّر الكابتن فراس معسعس، مدرب نادي الوثبة، عن تفاؤله بعودة الدوري، قائلاً: “كرة القدم هي العشق الأول للجمهور السوري، وعودة الدوري تعني عودة الحياة للملاعب والمدرجات.” وشدد على أن الجماهير تواقة لرؤية أنديتها على أرض الملعب من جديد.
كما أشار معسعس إلى أهمية تطوير شكل الدوري ليستعيد بريقه، مشيداً بتجارب بعض الدوريات المجاورة، مثل الدوري اللبناني الذي ينقسم إلى مجموعتين بعد مرحلة أولى، ما يزيد من حدة المنافسة ويرتقي بمستوى الأداء.
ولفت إلى أن الدوري السوري في السنوات الماضية لم يكن على مستوى الطموح، رغم وجود تقارب في المستويات الفنية بين عدد من الأندية.
اقرأ أيضاً: تطورات إيجابية لنادي أهلي حلب في ملف العقوبات – 963+
التحديان الأكبر
من جانب آخر، أكد معسعس أن تطوير البنية التحتية وإصلاح الملاعب هو الشرط الأساسي لتقدم الكرة السورية، واصفًا الملاعب بـ “رئة كرة القدم”. ودعا إلى تعزيز الخصخصة واستقطاب المستثمرين والشركات الراعية، وتوفير تغطية تلفزيونية محترفة تواكب الأحداث وتساهم في رفع مستوى المنافسة والاهتمام الجماهيري.
ومن جانبه، تحدث اللاعب الدولي السابق عبدالرزاق الحسين، مساعد مدرب نادي الوحدة، في تصريحات للعدد ذاته من الصحيفة، عن حجم التحديات التي تواجه الفرق هذا الموسم، مشيراً إلى أن كثيرًا من الأندية لم تتح لها فرصة الاستعداد الكافي، في ظل صعوبات مالية وعدم استقرار الملاعب. وأوضح أن التوقف الطويل أثّر سلباً على اللياقة البدنية للاعبين.
واعتبر الحسين أن انطلاق الدوري تمثل خطوة إيجابية إنسانياً واقتصادياً، خصوصاً للاعبين الذين يعتمدون عليه كمصدر رزق. وشكر اللجنة المؤقتة لاتحاد الكرة على جهودها لاستئناف البطولة، معربًا عن أمله في أن يكون الموسم القادم أكثر تنظيمًا واستقرارًا.
وأشار الحسين إلى ضرورة وجود “روزنامة ثابتة” لضمان انتظام المباريات وتجنّب كثرة التأجيلات، كما دعا إلى تحسين جودة البث التلفزيوني، على الأقل لتكون بمستوى “الدورة الودية” التي نُظّمت في دمشق مؤخراً.
الجمهور هو الرهان الأكبر
أما الإعلامي الرياضي جلال ألفا، فرأى في استئناف الدوري خطوة موفقة، رغم تأخرها، معتبرًا أن انطلاقة الموسم قد تتأثر بالمستوى البدني للفرق نتيجة ضعف التحضيرات واستغناء بعض الأندية عن نجومها بسبب الأزمة المالية.
وأكد ألفا في تصريحات للعدد التاسع من صحيفة “963+” على دور الجماهير المحوري في إنجاح الدوري، مشيراً إلى أن “الكرة السورية بلا جمهور، تفتقد لأهم عوامل الإثارة”، كما أبدى تحفظه على غياب قرار رسمي حتى الآن بشأن السماح بحضور الجماهير في المدرجات.
ودعا إلى تحسين جدول المواعيد وعدم تزامن المباريات لتوفير فرصة متابعة أكبر، إضافة إلى تركيب إنارة ملاعب جيدة لتفادي لعب المباريات تحت الشمس الحارقة.
وفيما قال المشجع السوري فاروق غليون إن الشعب السوري لطالما ارتبط عاطفياً بالرياضة، وقطع آلاف الأميال لتشجيع أنديته المفضلة، مؤكداً أن كرة القدم قادرة على توحيد الشارع السوري من جديد. وأعرب عن أمله في تحسين النقل التلفزيوني وفتح المدرجات أمام الجماهير، لما لذلك من دور في تحفيز اللاعبين وإنعاش الأجواء التنافسية.
ورغم كل التحديات والصعوبات اللوجستية والاقتصادية، تمثل عودة الدوري السوري الممتاز نقطة انطلاق جديدة نحو استعادة التوازن الرياضي في البلاد، وتأكيداً على أن كرة القدم كانت وستظل متنفسًا وطنيًا يجمع السوريين على شغف واحد. فهل تنجح هذه العودة في إعادة وهج الدوري؟ الإجابة ستتضح مع انطلاق الصافرة الأولى.
نشرت هذه المادة في العدد الثامن من صحيفة “963+” الأسبوعية والصادرة يوم الجمعة 25 نيسان /إبريل 2025.
لتحميل كامل العدد الرابع من الصحيفة النقر هنا: الصحيفة – 963+
