واشنطن
أكدت صحيفة “واشنطن بوست” أن خفض المساعدات الأوروبية والأميركية فاقم أزمة القطاع الصحي في سوريا، بعد أن شهدت البلاد تقليصاً كبيراً في المساعدات الدولية، مما أدى إلى إغلاق عشرات المنشآت الصحية وتزايد حالات سوء التغذية، خاصة في شمال البلاد.
وقالت الصحيفة، أمس السبت، إن المساعدات الخارجية التي كانت تشكل شريان حياة لملايين السوريين بعد 14 عاماً من الحرب، بدأت تتلاشى عقب تعليق واشنطن لبرامجها الإغاثية وتراجع الدعم الأوروبي.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة، التي تعد أكبر مانح لسوريا، قد جمدت مساعداتها بالكامل، في حين أوقفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنشطة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID).
وأكّدت منظمة “ميهاد” الفرنسية، التي تشرف على أكثر من 24 مركزاً صحياً في شمال سوريا، أن التخفيضات كانت “كارثية”، خاصة في المناطق التي تستضيف ملايين النازحين.
وأوضحت المنظمة، أنها لم تكن تتلقى تمويلاً مباشراً من واشنطن، لكنها تأثرت بشكل غير مباشر من خلال فقدان شركائها المحليين والدوليين لمصادر تمويلهم، مما أدى إلى إغلاق عدد كبير من المرافق الطبية وتحميل منشآت “ميهاد” فوق طاقتها.
وفي منطقة أعزاز شمال حلب، رصدت فرق “ميهاد” نفاد مخزون طعام الأطفال العلاجي المعروف باسم “Plumpy’Nut”، الذي كانت توفره منظمة “أنقذوا الأطفال”، وكانت الأخيرة قد أعلنت في نيسان/ أبريل عن إغلاق 40% من برامجها الغذائية في سوريا بسبب نقص التمويل، وفقاً لما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست”.
ولفتت، إلى أن 172 منشأة صحية في شمال غرب سوريا مهددة بالإغلاق، ما قد يحرم أكثر من 4.2 مليون شخص من خدمات صحية أساسية تشمل رعاية الطوارئ، وصحة الأم والطفل وعلاج الأمراض المزمنة، وفي شمال شرق البلاد تم تعليق عمل 23 منشأة، بينما تواجه 68 أخرى خطر الإغلاق التام.
اقرأ أيضاً: الأغذية العالمي يخصص 7.9 مليون دولار لدعم سوريا بمواجهة الجفاف
كما يشهد قطاع غسيل الكلى تدهوراً حاداً، وبقيت فقط ثلاثة مراكز عاملة في شمال شرق سوريا، تديرها منظمة “ميهاد”، مع توقف عدد من الأجهزة عن العمل ونقص الإمكانات.
ونوهت “واشنطن بوست”، إلى أن توقف الدعم الدولي يهدد مستقبل ملايين السوريين، ويزيد من تدهور أوضاعهم المعيشية والصحية في بلد لا يزال يعاني من تبعات حرب مدمرة.
وكان برنامج الأغذية العالمي قد أعلن، يوم الجمعة الماضي، عن تخصيص مبلغ 7.9 مليون دولار أميركي كتعويض تأميني لمواجهة موجة الجفاف الحادة التي تضرب سوريا، والتي تُعد الأسوأ منذ خمسة عقود.
وأفاد موقع “Reinsurance”، بأن الخطوة تهدف إلى دعم المجتمعات الضعيفة والمتضررة من آثار النزاع والتغيرات المناخية في سوريا، عبر توفير مساعدات غذائية واحتياجات أساسية لنحو 120 ألف شخص، ضمن خطة تشغيلية معدة مسبقاً تغطي المناطق الزراعية الرئيسية في البلاد.
وذكر الموقع، أن هذا التعويض التأميني بدعم مالي وتقني من المملكة المتحدة وألمانيا، من خلال “مرفق التمويل العالمي للوقاية”، وبالتعاون مع منظمة “هيومانيتي إنشورد” ومنتدى “تطوير التأمين”.
وأكد المستشار الرئيسي لتمويل وتأمين مخاطر المناخ والكوارث في البرنامج ماثيو دوبريويل، أهمية تفعيل أدوات الحماية المالية مثل التأمين ضد الجفاف في دول تعاني من النزاعات كوسيلة فعالة للتصدي لصدمات المناخ المحتملة، مشيراً إلى أن التغلب على التحديات في هذا المجال تحقق بفضل الدعم الدولي من عدد من الجهات المانحة والشركاء في قطاع التأمين.
من جانبه، وصف خالد عثمان، نائب مدير برنامج الأغذية العالمي في سوريا، الوضع الحالي بـ”الأزمة المعيشية” التي تتجاوز آثار التغير المناخي، مشيراً إلى أن معدل هطول الأمطار انخفض إلى أقل من النصف.
وذكر، أن ذلك أدى إلى تضرر واسع في القطاع الزراعي، بما في ذلك خسارة معظم المحاصيل في بعض المناطق وتراجع متوقع في إنتاج القمح، إلى جانب تقلص أعداد الماشية بنسبة 40%.