مرهف هرموش
بعد أكثر من خمسة وخمسين عامًا من تأسيس الاتحاد الرياضي العام في سوريا، جاء الإعلان عن إنشاء وزارة للشباب والرياضة في خطوة تعتبر تحوّلًا كبيرًا في التعامل مع الواقع الرياضي والشبابي في البلاد. فقد أصبح القطاع الرياضي والشبابي يعاني من العديد من التحديات الهيكلية والإدارية التي تتطلب تدخلاً جادًا. لكن، ما الذي فرض هذا التحول؟ وهل هو مؤشر على رؤية جديدة للتعامل مع هذا القطاع الحيوي؟ كانت هذه الأسئلة محور لقاءنا مع وزير الشباب والرياضة الأستاذ محمد سامح الحامض، الذي استعرض مع “963+” رؤيته للتحول في القطاع الرياضي والشبابي في سوريا، وكذلك الموقف من أزمة اتحاد كرة القدم.
بداية، ما الذي فرض هذا التحول وإنشاء وزارة للشباب والرياضة؟
إن إنشاء وزارة الشباب والرياضة لم يكن قرارًا شكليًا أو إدارياً عابراً. بل هو تحول جوهري فرضته مقتضيات المرحلة الحالية. على الرغم من ما تم تحقيقه في العقود الماضية في مجال الرياضة، إلا أن هذا القطاع يعاني الآن من بنية تنظيمية مغلقة، ومن محدودية في الرؤية، فضلاً عن ترهل إداري وعدم وجود تخطيط استراتيجي حقيقي.
كما أن النظام القائم لم يعد قادراً على مواكبة التحديات الكبرى التي تطرحها الرياضة في العصر الحديث. اليوم، الرياضة ليست مجرد منافسات أو نشاطات موسمية فحسب، بل أصبحت رافعة تنموية اقتصادية واجتماعية وسياسية على المستويين المحلي والدولي. وبالتالي، كان من الضروري إنشاء وزارة متخصصة في هذا المجال لتطوير البنية القانونية والتنظيمية الخاصة بالقطاع، ولتفعيل أدوار الرياضة في دعم التنمية الوطنية، وهو ما يقتضي وضع سياسات شاملة تخدم الرياضة والشباب على حد سواء.
اقرأ أيضاً: خطة استراتيجية لألعاب القوى.. زيود: سنبني أم الألعاب بمنهجية مختلفة – 963+
هل تعتبرون أن هذا التحول هو انعكاس لرؤية جديدة في التعامل مع القطاع الرياضي؟
بالتأكيد. هذا التحول يعكس رؤية جديدة في التعامل مع الرياضة، قائمة على الانفتاح والشراكة والكفاءة. الرياضة اليوم هي عنصر أساسي في أي استراتيجية تنموية حقيقية، وليس مجرد ترفيه أو نشاط ترفيهي موسمي. وقد أظهرت التجارب العالمية أن الرياضة تمثل جزءاً من العملية التنموية الكبرى، التي تساهم في تحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
نحن نطمح إلى فتح آفاق جديدة لتطوير هذا القطاع ليكون أكثر قدرة على مواكبة تحديات العصر. لذا، فإن الوزارة تسعى لتطوير المنظومة الرياضية بما يتوافق مع المعايير الدولية ويخدم تطلعات الشباب السوري. هذا التحول يرتكز على ثلاث ركائز أساسية: أولاً، تعزيز الاستقلالية والشفافية داخل الاتحادات الرياضية. ثانيًا، تبني أساليب عمل مؤسساتية حديثة ترتكز على الكفاءة والابتكار. ثالثًا، خلق بيئة قانونية وتنظيمية تواكب التطورات وتحفز الشباب على المشاركة الفعّالة في الأنشطة الرياضية.
في ظل الأزمة التي يعاني منها اتحاد كرة القدم في سوريا، ما موقف الوزارة من الوضع الحالي؟
أود أن أوضح أن ما يُشاع بشأن “رفض” الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) تشكيل اتحاد جديد ليس دقيقاً بالمعنى القانوني. في الحقيقة، لم تكن هناك محاولات لتشكيل إدارة جديدة خارج الأطر المعتمدة. بل على العكس، فإن كل الخطوات التي نتخذها الآن تتم بناءً على طلبات وتوجيهات واضحة من “الفيفا” نفسه، الذي شدد على ضرورة تهيئة البيئة القانونية والإدارية السليمة قبل الدخول في أي عملية انتخابية جديدة. نحن لا نريد الدخول في صراعات حول تشكيل الاتحاد، بل نسعى إلى تأمين الظروف القانونية والإدارية المثالية التي تضمن إجراء انتخابات شفافة ونزيهة وفقًا للأنظمة الدولية المعترف بها.
اقرأ أيضاً: الكرامة متصدراً وحطين رابعاً.. اكتمال فرق المربع الذهبي للدوري السوري – 963+
كيف تتعامل الوزارة مع الاتهامات التي تشير إلى تدخلها في شؤون اتحاد كرة القدم أو أي من الاتحادات الرياضية؟
دعني أكون واضحاً، الوزارة لا تتدخل في شؤون اتحاد كرة القدم أو أي اتحاد رياضي آخر. هذا ليس مجرد تصريح إعلامي، بل هو قناعة راسخة. نحن ملتزمون بتعزيز استقلالية الاتحادات الرياضية، بما في ذلك اتحاد كرة القدم. ولا نهدف إلى التدخل في القرارات الفنية أو الإدارية لهذه الاتحادات. الهدف الأساسي لدينا هو ضمان أن تتم العملية الانتخابية وفق القوانين الوطنية والدولية، بما يضمن وصول كفاءات قادرة على قيادة هذه الاتحادات إلى بر الأمان.
نحن نؤمن أن دور الوزارة في هذه الحالة هو دور راعٍ ومظلة وطنية، حيث نعمل على تهيئة البيئة المناسبة للإجراءات القانونية، وتأمين الاستقلالية للاتحادات.
هل تعتبرون أن العملية الانتخابية في اتحاد كرة القدم ستكون نزيهة وشفافة؟
بالتأكيد، الوزارة تسعى بكل جهد لضمان أن العملية الانتخابية ستكون نزيهة وشفافة. نحن نتوقع أن تُجرى الانتخابات لاختيار قيادة جديدة لاتحاد كرة القدم في شهر تموز المقبل. العملية ستتم وفقًا للمعايير الدولية التي يحددها “الفيفا”، وبالتنسيق مع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
نحن نركز على تهيئة البيئة التنظيمية المثالية التي تضمن توافق العملية الانتخابية مع أنظمة “الفيفا”، بعيداً عن أي تدخلات أو ضغوط خارجية. هدفنا ليس فقط إجراء الانتخابات في موعدها، بل ضمان أن تكون نزيهة تمامًا، وتفرز قيادة تمتلك الكفاءة والشرعية لإعادة بناء الثقة بالاتحاد وتحقيق خطة تطوير حقيقية للعبة الشعبية الأولى في سوريا.
في ختام هذا اللقاء، ما هي الرسالة التي تود توجيهها للشارع الرياضي السوري؟
رسالتي للشارع الرياضي السوري هي أننا نعمل جاهدين بروح الشراكة لا الوصاية، وأن هدفنا هو إرساء نظام مؤسساتي حديث يضع الرياضة السورية على المسار الصحيح نحو التطوير الحقيقي. الوزارة ستواصل دعم استقلالية الاتحادات الرياضية وتوفير البيئة القانونية المناسبة لتفعيل دورها.
كما أننا نلتزم بتطوير القطاع الرياضي بما يحقق تطلعات الشباب ويخدم مصالحهم. نحن بحاجة إلى وقت، ولكننا على يقين أن الرياضة ستكون أحد المحاور الأساسية في نهضة سوريا في المستقبل.